للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقَوْله تَعَالَى {ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ} إنَّمَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: {قَوْلَ الْحَقِّ} إلَى اسْمِهِ وَنِسْبَتِهِ إلَى أُمِّهِ وَذَلِكَ حَقِيقَةُ قَوْلِ اللَّهِ. وَقَدْ قَالَ صَاحِبُكُمْ أَحْمَد: اللَّهُ هُوَ اللَّهُ يَعْنِي: الِاسْمَ هُوَ الْمُسَمَّى. وقَوْله تَعَالَى {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ} فَإِنَّهُ لَمَّا نُسِفَ بَعْدَ أَنْ بَرُدَ فِي الْبَحْرِ وَشَرِبُوا مِنْ الْمَاءِ كَانَ ذَلِكَ حَقِيقَةَ ذَلِكَ الْعِجْلِ فَلَا شَيْءَ مِمَّا ذَكَرْتُمْ إلَّا وَهُوَ حَقِيقَةٌ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: فَيُقَالُ: لِلْقَرْيَةِ مَا جُمِعَتْ وَاجْتَمَعَ فِيهَا لَا نَفْسَ الْمُجْتَمَعِ؛ فَلِهَذَا سُمِّيَ الْقُرْءُ وَالْأَقْرَاءُ لِزَمَانِ الْحَيْضِ أَوْ زَمَانِ الطُّهْرِ وَالتَّصْرِيَةِ وَالْمُصَرَّاةُ والصراة اسْمُ مَجْمَعِ اللَّبَنِ وَالْمَاءِ؛ لَا لِنَفْسِ اللَّبَنِ وَالْمَاءِ الْمُجْتَمِعِ وَالْقَارِي. الْجَامِعُ لِلْقَرْيِ وَالْمُقْرِي الْجَامِعُ لِلْأَضْيَافِ فَأَمَّا نَفْسُ الْأَضْيَافِ فَلَا وَالْقَافِلَةُ لَا تُسَمَّى عِيرًا إنْ لَمْ تَكُنْ ذَاتَ بَهَائِم مَخْصُوصَةٍ؛ فَإِنَّ الْمُشَاةَ وَالرِّجَالَ لَا تُسَمَّى عِيرًا فَلَوْ كَانَ اسْمًا لِمُجَرَّدِ الْقَافِلَةِ لَكَانَ يَقَعُ عَلَى الرِّجَالِ كَمَا يَقَعُ عَلَى أَرْبَابِ الدَّوَابِّ؛ فَبَطَلَ مَا قَالُوهُ. وَقَوْلُهُمْ: لَوْ سَأَلَ لَأَجَابَ الْجِدَارُ: فَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يَقَعُ بِحَسَبِ الِاخْتِيَارِ وَلَا يَكُونُ مُعْتَمِدًا عَلَى وُقُوعِهِ إلَّا عِنْدَ التَّحَدِّي بِهِ فَإِمَّا أَنْ يَقَعَ بِالْهَاجِسِ وَعُمُومِ الْأَوْقَاتِ فَلَا.