للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَنَحْنُ نُبَيِّنُ أَمْثِلَةَ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرَ فِي السُّؤَالِ فَاَلَّذِينَ قَالُوا: الْمُضَارَبَةُ وَالْمُسَاقَاةُ وَالْمُزَارَعَةُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ: ظَنُّوا أَنَّ هَذِهِ الْعُقُودَ مِنْ جِنْسِ الْإِجَارَةِ لِأَنَّهَا عَمَلٌ بِعِوَضِ وَالْإِجَارَةُ يُشْتَرَطُ فِيهَا الْعِلْمُ بِالْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ فَلَمَّا رَأَوْا الْعَمَلَ فِي هَذِهِ الْعُقُودِ غَيْرَ مَعْلُومٍ وَالرِّبْحُ فِيهَا غَيْرُ مَعْلُومٍ قَالُوا: تُخَالِفُ الْقِيَاسَ وَهَذَا مِنْ غَلَطِهِمْ؛ فَإِنَّ هَذِهِ الْعُقُودَ مِنْ جِنْسِ الْمُشَارَكَاتِ لَا مِنْ جِنْسِ الْمُعَاوَضَاتِ الْخَاصَّةِ الَّتِي يُشْتَرَطُ فِيهَا الْعِلْمُ بِالْعِوَضَيْنِ وَالْمُشَارَكَاتُ جِنْسٌ غَيْرُ جِنْسِ الْمُعَاوَضَةِ وَإِنْ قِيلَ إنَّ فِيهَا شَوْبَ الْمُعَاوَضَةِ.

وَكَذَلِكَ الْمُقَاسَمَةُ جِنْسٌ غَيْرُ جِنْسِ الْمُعَاوَضَةِ الْخَاصَّةِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا شَوْبُ مُعَاوَضَةٍ حَتَّى ظَنَّ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهَا بَيْعٌ يُشْتَرَطُ فِيهَا شُرُوطُ الْبَيْعِ الْخَاصِّ.

وَإِيضَاحُ هَذَا: أَنَّ الْعَمَلَ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مَقْصُودًا مَعْلُومًا؛ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ. فَهَذِهِ الْإِجَارَةُ اللَّازِمَةُ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مَقْصُودًا لَكِنَّهُ مَجْهُولٌ أَوْ غَرَرٌ فَهَذِهِ الْجَعَالَةُ وَهِيَ: عَقْدٌ جَائِزٌ لَيْسَ بِلَازِمِ فَإِذَا قَالَ: مَنْ رَدَّ عَبْدِي الْآبِقَ فَلَهُ مِائَةٌ فَقَدْ يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ وَقَدْ لَا يَقْدِرُ وَقَدْ يَرُدُّهُ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ وَقَدْ