للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَنْجُسُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ فَالْقِيَاسُ عِنْدَهُ تَطْهِيرُهُ؛ فَإِنَّ الْحُكْمَ إذَا ثَبَتَ بِعِلَّةِ زَالَ بِزَوَالِهَا وَإِذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ التَّغَيُّرَ فَإِذَا زَالَ التَّغَيُّرُ زَالَتْ النَّجَاسَةُ كَمَا أَنَّ الْعِلَّةَ لَمَّا كَانَتْ فِي الْخَمْرِ الشِّدَّةُ الْمُضْطَرِبَةُ فَإِذَا زَالَتْ طَهُرَتْ. كَيْفَ وَالنَّجَاسَةُ فِي الْمَاءِ وَارِدَةٌ عَلَيْهِ كَنَجَاسَةِ الْأَرْضِ؟ وَلَكِنْ قَدْ يُقَالُ: هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى " مَسْأَلَةِ الِاسْتِحَالَةِ " وَفِيهَا نِزَاعٌ مَشْهُورٌ فَفِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَحْمَد قَوْلَانِ وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ أَنَّهَا تَطْهُرُ بِالِاسْتِحَالَةِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ لَا تَطْهُرُ بِالِاسْتِحَالَةِ. وَقَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّهَا تَطْهُرُ بِالِاسْتِحَالَةِ أَصَحُّ فَإِنَّ النَّجَاسَةَ إذَا صَارَتْ مِلْحًا أَوْ رَمَادًا فَقَدْ تَبَدَّلَتْ الْحَقِيقَةُ وَتَبَدَّلَ الِاسْمُ وَالصِّفَةُ فَالنُّصُوصُ الْمُتَنَاوِلَةُ لِتَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ لَا تَتَنَاوَلُ الْمِلْحَ وَالرَّمَادَ وَالتُّرَابَ لَا لَفْظًا وَلَا مَعْنًى وَالْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ كَانَتْ تِلْكَ الْأَعْيَانُ خَبِيثَةً مَعْدُومٌ فِي هَذِهِ الْأَعْيَانِ فَلَا وَجْهَ لِلْقَوْلِ بِأَنَّهَا خَبِيثَةٌ نَجِسَةٌ. وَاَلَّذِينَ فَرَّقُوا بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْخَمْرِ قَالُوا: الْخَمْرُ نَجُسَتْ بِالِاسْتِحَالَةِ فَطَهُرَتْ بِالِاسْتِحَالَةِ فَيُقَالُ لَهُمْ: وَكَذَلِكَ الْبَوْلُ وَالدَّمُ وَالْعَذِرَةُ إنَّمَا نَجُسَتْ بِالِاسْتِحَالَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَطْهُرَ بِالِاسْتِحَالَةِ.

فَصْلٌ:

وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: التَّوَضُّؤُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَهَذَا إنَّمَا قَالَهُ لِأَنَّهَا لَحْمٌ وَاللَّحْمُ لَا يُتَوَضَّأُ مِنْهُ وَصَاحِبُ الشَّرْعِ قَدْ