للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَنَحْنُ نُنَبِّهُ عَلَى هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ: عَلَى قَوْلِ مَنْ جَعَلَ الْإِجَارَةَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ جَعَلَ إجَارَةَ الظِّئْرِ وَنَحْوَهَا عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَنَقُولُ: قَوْلُهُمْ: الْإِجَارَةُ بَيْعُ مَعْدُومٍ وَبَيْعُ الْمَعْدُومِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ: مُقَدِّمَتَانِ مُجْمَلَتَانِ فِيهِمَا تَلْبِيسٌ؛ فَإِنَّ قَوْلَهُمْ: الْإِجَارَةُ بَيْعٌ إنْ أَرَادُوا أَنَّهَا الْبَيْعُ الْخَاصُّ الَّذِي يُعْقَدُ عَلَى الْأَعْيَانِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ أَرَادُوا الْبَيْعَ الْعَامَّ الَّذِي هُوَ مُعَاوَضَةٌ إمَّا عَلَى عَيْنٍ وَإِمَّا عَلَى مَنْفَعَةٍ فَقَوْلُهُمْ فِي الْمُقَدِّمَةِ الثَّانِيَةِ: أَنَّ بَيْعَ الْمَعْدُومِ لَا يَجُورُ إنَّمَا يَسْلَمُ - إنْ سَلِمَ - فِي الْأَعْيَانِ لَا فِي الْمَنَافِعِ وَلَمَّا كَانَ لَفْظُ الْبَيْعِ يَحْتَمِلُ هَذَا وَهَذَا تَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ فِي الْإِجَارَةِ: هَلْ تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إنْ عَرَفَا الْمَقْصُودَ انْعَقَدَتْ فَأَيُّ لَفْظٍ مِنْ الْأَلْفَاظِ عَرَفَ بِهِ الْمُتَعَاقِدَانِ مَقْصُودَهُمَا انْعَقَدَ بِهِ الْعَقْدُ وَهَذَا عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْعُقُودِ فَإِنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَجِدْ فِي أَلْفَاظِ الْعُقُودِ حَدًّا بَلْ ذَكَرَهَا مُطْلَقَةً فَكَمَا تَنْعَقِدُ الْعُقُودُ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا مِنْ الْأَلْفَاظِ الْفَارِسِيَّةِ وَالرُّومِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَلْسُنِ الْعَجَمِيَّةِ فَهِيَ تَنْعَقِدُ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا مِنْ الْأَلْفَاظِ الْعَرَبِيَّةِ وَلِهَذَا وَقَعَ الطَّلَاقُ وَالْعِتَاقُ بِكُلِّ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ وَغَيْرُهُ. وَطَرَدَ هَذَا النِّكَاحَ فَإِنَّ أَصَحَّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ بِكُلِّ لَفْظٍ