للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْإِجَارَةَ لَا تَكُونُ إلَّا عَلَى مَنَافِعِ أَعْرَاضٍ لَا تُسْتَحَقُّ بِهَا أَعْيَانٌ وَهَذَا الْقَدْرُ لَمْ يَدُلّ عَلَيْهِ كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ وَلَا إجْمَاعٌ وَلَا قِيَاسٌ بَلْ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأُصُولُ أَنَّ الْأَعْيَانَ الَّتِي تَحْدُثُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ مَعَ بَقَاءِ أَصْلِهَا حُكْمُهَا حُكْمُ الْمَنَافِعِ كَالثَّمَرِ وَالشَّجَرِ؛ وَاللَّبَنِ فِي الْحَيَوَانِ؛ وَلِهَذَا سَوَّى بَيْنَ هَذَا وَهَذَا فِي الْوَقْفِ؛ فَإِنَّ الْأَصْلَ تَحْبِيسُ الْأَصْلِ وَتَسْبِيلُ الْفَائِدَةِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ بَاقِيًا وَأَنْ تَكُونَ الْفَائِدَةُ تَحْدُثُ مَعَ بَقَاءِ الْأَصْلِ فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فَائِدَةُ الْوَقْفِ مَنْفَعَةً كَالسُّكْنَى وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ ثَمَرَةً كَوَقْفِ الشَّجَرِ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لَبَنًا كَوَقْفِ الْمَاشِيَةِ لِلِانْتِفَاعِ بِلَبَنِهَا. وَكَذَلِكَ " بَابُ التَّبَرُّعَاتِ " فَإِنَّ الْعَارِيَةَ وَالْعُرْيَةَ وَالْمِنْحَةَ هِيَ إعْطَاءُ الْعَيْنِ لِمَنْ يَنْتَفِعُ بِهَا ثُمَّ يَرُدُّهَا فَالْمِنْحَةُ إعْطَاءُ الْمَاشِيَةِ لِمَنْ يَشْرَبُ لَبَنَهَا ثُمَّ يَرُدُّهَا وَالْعُرْيَةُ إعْطَاءُ الشَّجَرَةِ لِمَنْ يَأْكُلُ ثَمَرَهَا ثُمَّ يَرُدُّهَا وَالسُّكْنَى إعْطَاءُ الدَّارِ لِمَنْ يَسْكُنُهَا ثُمَّ يُعِيدُهَا فَكَذَلِكَ فِي الْإِجَارَةِ تَارَةً تَكْرِيهِ الْعَيْنَ لِلْمَنْفَعَةِ الَّتِي لَيْسَتْ أَعْيَانًا كَالسُّكْنَى وَالرُّكُوبِ وَتَارَةً لِلْعَيْنِ الَّتِي تَحْدُثُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ مَعَ بَقَاءِ الْأَصْلِ كَلَبَنِ الظِّئْرِ وَنَقْعِ الْبِئْرِ وَالْعَيْنِ فَإِنَّ الْمَاءَ وَاللَّبَنَ لَمَّا كَانَا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ مَعَ بَقَاءِ الْأَصْلِ كَانَ كَالْمَنْفَعَةِ وَالْمُسَوِّغُ لِلْإِجَارَةِ هُوَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ وَهُوَ حَدَثٌ وَالْمَقْصُودُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا فَشَيْئًا سَوَاءٌ كَانَ الْحَادِثُ عَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً إذْ كَوْنُهُ