للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْعَبْدُ وَلَمْ يُحَرِّمْ مَا يُضْطَرُّ إلَيْهِ الْعَبْدُ.

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي فِيهِ: {إنَّ الرَّهْنَ مَرْكُوبٌ وَمَحْلُوبٌ وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَحْلِبُ النَّفَقَةُ} إنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ فَإِنَّ الرَّهْنَ إذَا كَانَ حَيَوَانًا فَهُوَ مُحْتَرَمٌ فِي نَفْسِهِ وَلِمَالِكِهِ فِيهِ حَقٌّ؛ وَلِلْمُرْتَهِنِ فِيهِ حَقٌّ وَإِذَا كَانَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ فَلَمْ يَرْكَبْ وَلَمْ يَحْلِبْ ذَهَبَتْ مَنْفَعَتُهُ بَاطِلَةً وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ اللَّبَنَ يَجْرِي مَجْرَى الْمَنْفَعَةِ فَإِذَا اسْتَوْفَى الْمُرْتَهِنُ مَنْفَعَتَهُ وَعَوَّضَ عَنْهَا نَفَقَتَهُ كَانَ فِي هَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ وَبَيْنَ الْحَقَّيْنِ فَإِنَّ نَفَقَتَهُ وَاجِبَةٌ عَلَى صَاحِبِهِ وَالْمُرْتَهِنُ إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ أَدَّى عَنْهُ وَاجِبًا وَلَهُ فِيهِ حَقٌّ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِبَدَلِهِ وَالْمَنْفَعَةُ تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ بَدَلًا فَأَخْذُهَا خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذْهَبَ عَلَى صَاحِبِهَا وَتَذْهَبَ بَاطِلًا. وَقَدْ تَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ أَدَّى عَنْ غَيْرِهِ وَاجِبًا بِغَيْرِ إذْنِهِ كَالدَّيْنِ فَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَد فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَيْهِ وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. وَإِذَا أَنْفَقَ نَفَقَةً تَجِبُ عَلَيْهِ مِثْلَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ عَبْدِهِ؛ فَبَعْضُ أَصْحَابِ أَحْمَد قَالَ: لَا يَرْجِعُ؛ وَفَرَّقُوا بَيْنَ النَّفَقَةِ وَالدَّيْنِ وَالْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَصْحَابِهِ سَوَّوْا بَيْنَهُمَا وَقَالُوا: الْجَمِيعُ وَاجِبٌ وَلَوْ افْتَدَاهُ