للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ المقدسي جُزْءًا رَدَّ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ. وَأَمَّا لَفْظُ الْقُلَّةِ فَإِنَّهُ مَعْرُوفٌ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ الْجَرَّةُ الْكَبِيرَةُ كَالْحَبِّ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُمَثِّلُ بِهِمَا كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ قَالَ فِي سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى: {وَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ وَإِذَا نَبْقُهَا مِثْلُ قِلَالِ هَجَرَ} وَهِيَ قِلَالٌ مَعْرُوفَةُ الصِّفَةِ وَالْمِقْدَارِ؛ فَإِنَّ التَّمْثِيلَ لَا يَكُونُ بِمُخْتَلِفِ مُتَفَاوِتٍ. وَهَذَا مِمَّا يُبْطِلُ كَوْنَ الْمُرَادِ قُلَّةَ الْجَبَلِ لِأَنَّ قِلَالَ الْجِبَالِ فِيهَا الْكِبَارُ وَالصِّغَارُ وَفِيهَا الْمُرْتَفِعُ كَثِيرًا وَفِيهَا مَا هُوَ دُونَ ذَلِكَ وَلَيْسَ فِي الْوُجُودِ مَاءٌ يَصِلُ إلَى قِلَالِ الْجَبَلِ إلَّا مَاءُ الطُّوفَانِ فَحَمْلُ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مِثْلِ هَذَا يُشْبِهُ الِاسْتِهْزَاءَ بِكَلَامِهِ. وَمِنْ عَادَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يُقَدِّرُ الْمُقَدَّرَاتِ بِأَوْعِيَتِهَا كَمَا قَالَ: {لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ} وَالْوَسْقُ حِمْلُ الْجَمَلِ وَكَمَا كَانَ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ وَذَلِكَ مِنْ أَوْعِيَةِ الْمَاءِ وَهَكَذَا تَقْدِيرُ الْمَاءِ بِالْقِلَالِ مُنَاسِبٌ فَإِنَّ الْقُلَّةَ وِعَاءُ الْمَاءِ. وَأَمَّا الْهِرَّةُ فَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {إنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ إنَّهَا مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ} .