للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْمَسْحِ أَيْ: بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْبَدَلِ وَهَذَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَغْسِلَ الْقَدَمَيْنِ وَإِمَّا أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ. وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ وَهُوَ قِيَاسُ أَصْلِ أَحْمَد وَنُصُوصِهِ فِي الْعَفْوِ عَنْ يَسِيرِ الْعَوْرَةِ وَعَنْ يَسِيرِ النَّجَاسَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ السُّنَّةَ وَرَدَتْ بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ مُطْلَقًا قَوْلًا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِعْلًا كَقَوْلِ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ: {أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا كُنَّا سَفَرًا - أَوْ مُسَافِرِينَ - أَنْ لَا نَنْزِعَ أَخِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ إلَّا مِنْ جَنَابَةٍ وَلَكِنْ لَا نَنْزِعُ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ} رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ؛ فَقَدْ بَيَّنَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أُمَّتَهُ أَنْ لَا يَنْزِعُوا أَخِفَافَهُمْ فِي السَّفَرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ وَالنَّوْمِ؛ وَلَكِنْ يَنْزِعُوهَا مِنْ الْجَنَابَةِ. وَكَذَلِكَ أَمْرُهُ لِأَصْحَابِهِ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى التَّسَاخِينِ وَالْعَصَائِبِ؛ وَالتَّسَاخِينُ هِيَ الْخُفَّانِ فَإِنَّهَا تُسَخِّنُ الرِّجْلَ وَقَدْ اسْتَفَاضَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ؛ وَتَلَقَّى أَصْحَابُهُ عَنْهُ ذَلِكَ فَأَطْلَقُوا الْقَوْلَ بِجَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَنَقَلُوا أَيْضًا أَمْرَهُ مُطْلَقًا: كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ شريح بْنِ هَانِئٍ قَالَ: أَتَيْت عَائِشَةَ أَسْأَلُهَا عَنْ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ؟ فَقَالَتْ عَلَيْك بِابْنِ أَبِي طَالِبٍ فَاسْأَلْهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ: {جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ