للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ ذَلِكَ اللَّفْظُ عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ إذَا نُهِيَ عَنْ قَتْلِ الْأَوْلَادِ مَعَ الْإِمْلَاقِ: فَنَهْيُهُ عَنْ ذَلِكَ مَعَ الْغِنَى وَالْيَسَارِ أَوْلَى وَأَحْرَى. فَالتَّخْصِيصُ بِالذِّكْرِ قَدْ يَكُونُ لِلْحَاجَةِ إلَى مَعْرِفَتِهِ؛ وَقَدْ يَكُونُ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ أَوْلَى بِالْحُكْمِ. فَتَخْصِيصُ الْقَمِيصِ دُونَ الْجُبَاب؛ وَالْعَمَائِمِ دُون الْقَلَانِسِ؛ وَالسَّرَاوِيلَاتِ دُونَ التَّبَابِينِ: هُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ؛ لَا لِأَنَّ كُلَّ مَا لَا يَتَنَاوَلُهُ اللَّفْظُ فَقَدْ أُذِنَ فِيهِ. وَكَذَلِكَ أَمْرُهُ بِصَبِّ ذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ عَلَى بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ - مَعَ مَا فِيهِ مِنْ اخْتِلَاطِ الْمَاءِ بِالْبَوْلِ وَسَرَيَانِ ذَلِكَ لَكِنْ قَصَدَ بِهِ تَعْجِيلَ التَّطْهِيرِ - لَا لِأَنَّ النَّجَاسَةَ لَا تَزُولُ بِغَيْرِ ذَلِكَ؛ بَلْ الشَّمْسُ وَالرِّيحُ وَالِاسْتِحَالَةُ تُزِيلُ النَّجَاسَةَ أَعْظَمَ مِنْ هَذَا؛ وَلِهَذَا كَانَتْ الْكِلَابُ تُقْبِلُ وَتُدْبِرُ وَتَبُولُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ وَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ تَوَضَّأَ وُضُوءًا كَامِلًا ثُمَّ لَبِسَ الْخُفَّيْنِ جَازَ لَهُ الْمَسْحُ بِلَا نِزَاعٍ وَلَوْ غَسَلَ إحْدَى رِجْلَيْهِ وَأَدْخَلَهَا الْخُفَّ ثُمَّ فَعَلَ بِالْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ فَفِيهِ قَوْلَانِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَد: إحْدَاهُمَا: يَجُوزُ الْمَسْحُ. وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ.