للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيَلْبَثَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِ. وَاَلَّذِي ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى الْحَائِضَ عَنْ الطَّوَافِ وَبَعَثَ أَبَا بَكْرٍ أَمِيرًا عَلَى الْمَوْسِمِ فَأَمَرَ أَنْ يُنَادِيَ: {أَنْ لَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عريان} . وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَحُجُّونَ وَكَانُوا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُرَاةً فَيَقُولُونَ: ثِيَابٌ عَصَيْنَا اللَّهَ فِيهَا فَلَا نَطُوفُ فِيهَا إلَّا الْحَمْسَ وَمَنْ دَانَ دِينَهَا. وَفِي ذَلِكَ أَنْزَلَ اللَّهُ {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} وَقَوْلُهُ {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً} مِثْلَ طَوَافِهِمْ بِالْبَيْتِ عُرَاةً {قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ.} وَمَعْلُومٌ أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ يَجِبُ مُطْلَقًا خُصُوصًا إذَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالنَّاسُ يَرَوْنَهُ فَلَمْ يَجِبْ ذَلِكَ لِخُصُوصِ الطَّوَافِ؛ لَكِنَّ الِاسْتِتَارَ فِي حَالِ الطَّوَافِ أَوْكَدُ لِكَثْرَةِ مَنْ يَرَاهُ وَقْتَ الطَّوَافِ فَيَنْبَغِي النَّظَرُ فِي مَعْرِفَةِ حُدُودِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَهُوَ أَنْ يُعْرَفَ مُسَمَّى الصَّلَاةِ الَّتِي لَا يَقْبَلُهَا اللَّهُ إلَّا بِطُهُورِ الَّتِي أُمِرَ بِالْوُضُوءِ عِنْدَ الْقِيَامِ إلَيْهَا. وَقَدْ فَسَّرَ ذَلِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِي السُّنَنِ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ} . فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَتَانِ: