للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَيْسَ لِلْجُنُبِ أَنْ يَلْبَثَ فِي الْمَسْجِدِ لَكِنْ إذَا تَوَضَّأَ جَازَ لَهُ اللُّبْثُ فِيهِ عِنْدَ أَحْمَد وَغَيْرِهِ وَاسْتَدَلَّ بِمَا ذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ: " أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانُوا يَتَوَضَّئُونَ وَهُمْ جُنُبٌ ثُمَّ يَجْلِسُونَ فِي الْمَسْجِدِ. وَيَتَحَدَّثُونَ ". وَهَذَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ الْجُنُبَ بِالْوُضُوءِ عِنْدَ النَّوْمِ وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ ذَلِكَ كَرَاهَةَ أَنْ تُقْبَضَ رُوحُهُ وَهُوَ نَائِمٌ فَلَا تَشْهَدُ الْمَلَائِكَةُ جِنَازَتَهُ فَإِنَّ فِي السُّنَنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ جُنُبٌ} وَهَذَا مُنَاسِبٌ لِنَهْيِهِ عَنْ اللُّبْثِ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ بُيُوتُ الْمَلَائِكَةِ كَمَا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ الثُّومِ وَالْبَصَلِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ. وَقَالَ: {إنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنَوْا آدَمَ} . فَلَمَّا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُنُبَ بِالْوُضُوءِ عِنْدَ النَّوْمِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ يَرْفَعُ الْجَنَابَةَ الْغَلِيظَةَ وَتَبْقَى مَرْتَبَةٌ بَيْنَ الْمُحْدِثِ وَبَيْنَ الْجُنُبِ لَمْ يُرَخَّصْ لَهُ فِيمَا يُرَخَّصُ فِيهِ لِلْمُحْدِثِ مِنْ الْقِرَاءَةِ؛ وَلَمْ يُمْنَعْ مِمَّا يُمْنَعُ مِنْهُ الْجُنُبُ مِنْ اللُّبْثِ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ وُضُوءُهُ عِنْدَ النَّوْمِ يَقْتَضِي شُهُودَ الْمَلَائِكَةِ لَهُ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَدْخُلُ الْمَكَانَ الَّذِي هُوَ فِيهِ إذَا تَوَضَّأَ؛ وَلِهَذَا يُجَوِّزُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَد لِلْجُنُبِ الْمُرُورَ فِي الْمَسْجِدِ بِخِلَافِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فَإِنَّ الْأَئِمَّةَ الْأَرْبَعَةَ مُتَّفِقُونَ عَلَى مَنْعِهِ مِنْ ذَلِكَ؛ فَعُلِمَ أَنَّ