للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَمْ يَكُنْ لِلْأُمَّةِ مِنْ الْكَثْرَةِ بِحَيْثُ يَغْلِبُ الْإِثْمُ عَلَى الْمَعَاصِي. قَالَ: وَاللَّفْظُ إنَّمَا يَقْتَضِي نَهْيَ الْإِمَامِ عَنْ طَاعَةِ آثِمٍ مِنْ الْعُصَاةِ أَوْ كَفُورٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُ: لَيْسَ فِيهَا تَخْيِيرٌ " أَوْ " بِمَعْنَى الْوَاوِ. وَكَذَلِكَ قَالَ طَائِفَةٌ: مِنْهُمْ البغوي وَابْنُ الْجَوْزِيِّ. وَقَالَ الْمَهْدَوِيُّ: أَيْ لَا تُطِعْ مَنْ أَثِمَ أَوْ كَفَرَ. وَدُخُولُ " أَوْ " يُوجِبُ أَنْ لَا تُطِيعَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى انْفِرَادِهِ. وَلَوْ قَالَ: وَلَا تُطِعْ مِنْهُمَا آثِمًا أَوْ كَفُورًا لَمْ يَلْزَمْ النَّهْيُ إلَّا فِي حَالِ اجْتِمَاعِ الْوَصْفَيْنِ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ " الْكَفُورَ " هُوَ الْجَاحِدُ لِلْحَقِّ وَإِنْ كَانَ مُجْتَهِدًا مُخْطِئًا. فَيَكُونُ هَذَا أَعَمُّ مِنْ وَجْهٍ وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ وَجْهِ التَّمَسُّكِ (١).

وقَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} مِنْ هَذَا الْبَابِ. فَإِنَّهُ خَاطَبَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ: {إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا} وَهَذَا يَتَنَاوَلُ الْمُحْدِثِينَ كَمَا تَقَدَّمَ. ثُمَّ قَالَ: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} ثُمَّ قَالَ " وَإِنْ كُنْتُمْ - مَعَ الْحَدَثِ وَالْجَنَابَةِ - مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا "


(١) بياض في الأصل