للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثَّانِي: أَنَّ اللَّامَ تُعَاقِبُ الْإِضَافَةَ فَقَوْلُهُ: {مِنْ الْبَوْلِ} كَقَوْلِهِ: مِنْ بَوْلِهِ وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ: {مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ} أَيْ أَبْوَابُهَا. الثَّالِثُ: أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ وُجُوهٍ صَحِيحَةٍ {فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ} وَهَذَا يُفَسِّرُ تِلْكَ الرِّوَايَةَ. ثُمَّ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي اللَّفْظِ مُتَأَخِّرٌ: عَنْ مَنْصُورٍ رَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُحَدِّثَ لَا يَجْمَعُ بَيْنَ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ وَالْأَصْلُ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ تَكَرُّرِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعُلِمَ أَنَّهُمْ رَوَوْهُ بِالْمَعْنَى وَلَمْ يَبِنْ أَيُّ اللَّفْظَيْنِ هُوَ الْأَصْلُ. ثُمَّ إنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ اللَّفْظَيْنِ مَعَ أَنَّ مَعْنَى أَحَدِهِمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِمَعْنَى الْآخَرِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُخَالِفًا فَالظَّاهِرُ الْمُوَافَقَةُ. يُبَيِّنُ هَذَا أَنَّ الْحَدِيثَ فِي حِكَايَةِ حَالٍ لَمَّا مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَبْرَيْنِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا قَضِيَّةٌ وَاحِدَةٌ. الرَّابِعُ: أَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ أَنَّ الْبَوْلَ كَانَ يُصِيبُهُ وَلَا يَسْتَتِرُ مِنْهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ بَوْلُ نَفْسِهِ. الْخَامِسُ: أَنَّ الْحَسَنَ قَالَ: الْبَوْلُ كُلُّهُ نَجِسٌ وَقَالَ أَيْضًا لَا بَأْسَ بِأَبْوَالِ الْغَنَمِ فَعُلِمَ أَنَّ الْبَوْلَ الْمُطْلَقَ عِنْدَهُ هُوَ بَوْلُ الْإِنْسَانِ.