للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {لَا تُسَافِرْ امْرَأَةٌ إلَّا مَعَ زَوْجٍ أَوْ ذِي مَحْرَمٍ} " فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إذَا عَتَقَ كَمَا يَجُوزُ لِزَوْجِ أُخْتِهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إذَا طَلَّقَ أُخْتَهَا وَالْمَحْرَمُ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ؛ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ: سَفَرُ الْمَرْأَةِ مَعَ عَبْدِهَا ضَيْعَةٌ. فَالْآيَةُ رَخَّصَتْ فِي إبْدَاءِ الزِّينَةِ لِذَوِي الْمَحَارِمِ وَغَيْرِهِمْ وَحَدِيثُ السَّفَرِ لَيْسَ فِيهِ إلَّا ذَوُو الْمَحَارِمِ وَذَكَرَ فِي الْآيَةِ نِسَاءَهُنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَغَيْرَ أُولِي الْإِرْبَةِ وَهِيَ لَا تُسَافِرُ مَعَهُمْ. وَقَوْلُهُ: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} قَالَ: احْتِرَازٌ عَنْ النِّسَاءِ الْمُشْرِكَاتِ. فَلَا تَكُونُ الْمُشْرِكَةُ قَابِلَةً لِلْمُسْلِمَةِ وَلَا تَدْخُلُ مَعَهُنَّ الْحَمَّامَ لَكِنْ قَدْ كُنَّ النِّسْوَةُ الْيَهُودِيَّاتُ يَدْخُلْنَ عَلَى عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا فَيَرَيْنَ وَجْهَهَا وَيَدَيْهَا بِخِلَافِ الرِّجَالِ فَيَكُونُ هَذَا فِي الزِّينَةِ الظَّاهِرَةِ فِي حَقِّ النِّسَاءِ الذِّمِّيَّاتِ وَلَيْسَ لِلذِّمِّيَّاتِ أَنْ يَطَّلِعْنَ عَلَى الزِّينَةِ الْبَاطِنَةِ وَيَكُونُ الظُّهُورُ وَالْبُطُونُ بِحَسَبِ مَا يَجُوزُ لَهَا إظْهَارُهُ؛ وَلِهَذَا كَانَ أَقَارِبُهَا تُبْدِي لَهُنَّ الْبَاطِنَةَ وَلِلزَّوْجِ خَاصَّةً لَيْسَتْ لِلْأَقَارِبِ. وَقَوْلُهُ: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا تُغَطِّي الْعُنُقَ فَيَكُونُ مِنْ الْبَاطِنِ لَا الظَّاهِرِ مَا فِيهِ مِنْ الْقِلَادَةِ وَغَيْرِهَا.