للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} وَعَلَيْنَا أَنْ نَخَافَ اللَّهَ فَلَا نَخَافُ أَحَدًا إلَّا اللَّهَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} . وَقَالَ: {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ} وَقَالَ: {فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} {وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ} . فَعَلَيْنَا أَنْ نَخَافَ اللَّهَ وَنَتَّقِيَهُ فِي النَّاسِ، فَلَا نَظْلِمَهُمْ بِقُلُوبِنَا وَلَا جَوَارِحِنَا وَنُؤَدِّيَ إلَيْهِمْ حُقُوقَهُمْ بِقُلُوبِنَا وَجَوَارِحِنَا، وَلَا نَخَافَهُمْ فِي اللَّهِ فَنَتْرُكَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ خِيفَةً مِنْهُمْ. وَمَنْ لَزِمَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ كَانَتْ الْعَاقِبَةُ لَهُ كَمَا كَتَبَتْ عَائِشَةُ إلَى مُعَاوِيَةَ: " أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّهُ مَنْ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَسْخَطَ عَلَيْهِ النَّاسَ وَعَادَ حَامِدُهُ مِنْ النَّاسِ ذَامًّا، وَمَنْ الْتَمَسَ رِضَا اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَى عَنْهُ النَّاسَ ". فَالْمُؤْمِنُ لَا تَكُونُ فِكْرَتُهُ وَقَصْدُهُ إلَّا رِضَا رَبِّهِ وَاجْتِنَابَ سَخَطِهِ وَالْعَاقِبَةُ لَهُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ. هَذَا مَعَ أَنَّ الْمُرْسَلَ فَرِحَ بِهَذِهِ الْأُمُورِ جَوَّانِيَّهُ فِي الْبَاطِنِ وَكُلُّ مَا يُظْهِرُهُ فَإِنَّهُ مُرَاءَاةٌ لِقَرِينِهِ، وَإِلَّا فَهُمَا فِي الْبَاطِنِ مُتَبَايِنَانِ. وَثَمَّ أُمُورٌ تَعْرِفُهَا خَاصَّتُهُمْ، وَيَكْفِيك الطيبرسي قَدْ تَوَاتَرَ عَنْهُ الْفَرَحُ وَالِاسْتِبْشَارُ بِمَا جَرَى مَعَ أَنَّهُ الْمُخَاصِمُ الْمُغَلَّظُ عَلَيْهِ. وَهَذَا سَوَاءٌ كَانَ أَوْ لَمْ يَكُنْ. الْأَصْلُ الَّذِي يَجِبُ اتِّبَاعُهُ هُوَ الْأَوَّلُ وَقَوْلُ النَّبِيِّ " {لَا تَبْدَءُوهُمْ بِقِتَالِ وَإِنْ أكثبوكم فَارْمُوهُمْ بِالنَّبْلِ} ". عَلَى الرَّأْسِ وَالْعَيْنِ وَلَمْ نَرْمِ إلَّا بَعْدَ أَنْ قَصَدُوا شَرَّنَا وَبَعْدَ أَنْ أكثبونا وَلِهَذَا نَفَعَ اللَّهُ بِذَلِكَ.