للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَمِنْ خَصَائِصِهِ: مَا كَانَ مِنْ خَصَائِصَ نُبُوَّتِهِ وَرِسَالَتِهِ فَهَذَا لَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ وَهَذَا مِثْلُ كَوْنِهِ يُطَاعُ فِي كُلِّ مَا يَأْمُرُ بِهِ وَيَنْهَى عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ جِهَةَ أَمْرِهِ حَتَّى يُقْتَلَ كُلُّ مَنْ أَمَرَ بِقَتْلِهِ وَلَيْسَ هَذَا لِأَحَدِ بَعْدَهُ فَوُلَاةُ الْأُمُورِ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالْأُمَرَاءِ يُطَاعُونَ إذَا لَمْ يَأْمُرُوا بِخِلَافِ أَمْرِهِ؛ وَلِهَذَا جَعَلَ اللَّهُ طَاعَتَهُمْ فِي ضِمْنِ طَاعَتِهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} . فَقَالَ: وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ لِأَنَّ أُولِي الْأَمْرِ يُطَاعُونَ طَاعَةً تَابِعَةً لِطَاعَتِهِ فَلَا يُطَاعُونَ اسْتِقْلَالًا وَلَا طَاعَةً مُطْلَقَةً وَأَمَّا الرَّسُولُ فَيُطَاعُ طَاعَةً مُطْلَقَةً مُسْتَقِلَّةً فَإِنَّهُ: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} فَقَالَ تَعَالَى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} فَإِذَا أَمَرَنَا الرَّسُولُ كَانَ عَلَيْنَا أَنْ نُطِيعَهُ وَإِنْ لَمْ نَعْلَمْ جِهَةَ أَمْرِهِ وَطَاعَتُهُ طَاعَةُ اللَّهِ لَا تَكُونُ طَاعَتُهُ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ قَطُّ بِخِلَافِ غَيْرِهِ. وَقَدْ ذَكَرَ النَّاسُ مِنْ خَصَائِصِهِ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَيُكْرَمُ بِهِ مَا لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ تَفْصِيلِهِ. وَبَعْضُ ذَلِكَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَبَعْضُهُ مُتَنَازَعٌ فِيهِ. وَقَدْ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إمَامَ الْأُمَّةِ وَهُوَ الَّذِي يَقْضِي بَيْنَهُمْ وَهُوَ الَّذِي يَقْسِمُ وَهُوَ الَّذِي يَغْزُو بِهِمْ وَهُوَ الَّذِي يُقِيمُ الْحُدُودَ وَهُوَ الَّذِي يَسْتَوْفِي الْحُقُوقَ وَهُوَ الَّذِي يُصَلِّي بِهِمْ فَالِاقْتِدَاءُ بِهِ فِي كُلِّ مَرْتَبَةٍ بِحَسَبِ تِلْكَ الْمَرْتَبَةِ فَإِمَامُ الصَّلَاةِ وَالْحَجِّ يَقْتَدِي