للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَذَلِكَ النَّصْرُ إذَا قُدِّرَ أَنَّهُ قُهِرَ وَغُلِبَ حَتَّى قُتِلَ فَإِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْهِدَايَةِ وَالِاسْتِقَامَةِ مَاتَ شَهِيدًا وَكَانَ الْقَتْلُ مِنْ تَمَامِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ حَاجَةَ الْعِبَادِ إلَى الْهُدَى أَعْظَمُ مِنْ حَاجَتِهِمْ إلَى الرِّزْقِ وَالنَّصْرِ بَلْ لَا نِسْبَةَ بَيْنَهُمَا؛ فَلِهَذَا كَانَ هَذَا الدُّعَاءُ هُوَ الْمَفْرُوضُ عَلَيْهِمْ. وَأَيْضًا فَإِنَّ هَذَا الدُّعَاءَ يَتَضَمَّنُ الرِّزْقَ وَالنَّصْرَ. لِأَنَّهُ إذَا هُدِيَ الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ كَانَ مِنْ الْمُتَّقِينَ {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} وَكَانَ مِنْ الْمُتَوَكِّلِينَ {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ} وَكَانَ مِمَّنْ يَنْصُرُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يَنْصُرْ اللَّهَ يَنْصُرْهُ اللَّهُ وَكَانَ مِنْ جُنْدِ اللَّهِ وَجُنْدُ اللَّهِ هُمْ الْغَالِبُونَ. فَالْهُدَى التَّامُّ يَتَضَمَّنُ حُصُولَ أَعْظَمِ مَا يَحْصُلُ بِهِ الرِّزْقُ وَالنَّصْرُ. فَتَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا الدُّعَاءَ هُوَ الْجَامِعُ لِكُلِّ مَطْلُوبٍ يَحْصُلُ بِهِ كُلُّ مَنْفَعَةٍ وَيَنْدَفِعُ بِهِ كُلُّ مَضَرَّةٍ فَلِهَذَا فُرِضَ عَلَى الْعَبْدِ. وَهَذَا مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ لَا يَقُومُ مَقَامَهَا أَصْلًا وَأَنَّ فَضْلَهَا عَلَى غَيْرِهَا مِنْ الْكَلَامِ أَعْظَمُ مِنْ فَضْلِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عَلَى سَائِرِ أَفْعَالِ الْخُضُوعِ فَإِذَا تَعَيَّنَتْ الْأَفْعَالُ فَهَذَا أَوْلَى. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.