للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَذَلِكَ الْأَمْرُ فِي تِلَاوَتِهَا فِي الصَّلَاةِ. طَائِفَةٌ لَا تَقْرَؤُهَا لَا سِرًّا وَلَا جَهْرًا. كَمَالِكِ وَالْأَوْزَاعِي. وَطَائِفَةٌ تَقْرَؤُهَا جَهْرًا كَأَصْحَابِ ابْنِ جريج وَالشَّافِعِيِّ. وَالطَّائِفَةُ الثَّالِثَةُ الْمُتَوَسِّطَةُ جَمَاهِيرُ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ مَعَ فُقَهَاءِ أَهْلِ الرَّأْيِ يَقْرَءُونَهَا سِرًّا كَمَا نُقِلَ عَنْ جَمَاهِيرِ الصَّحَابَةِ مَعَ أَنَّ أَحْمَد يَسْتَعْمِلُ مَا رُوِيَ عَنْ الصَّحَابَةِ فِي هَذَا الْبَابِ فَيَسْتَحِبُّ الْجَهْرَ بِهَا لِمَصْلَحَةِ رَاجِحَةٍ حَتَّى إنَّهُ نَصَّ عَلَى أَنَّ مَنْ صَلَّى بِالْمَدِينَةِ يَجْهَرُ بِهَا فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ يَجْهَرُ بِهَا.

وَيُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقْصِدَ إلَى تَأْلِيفِ الْقُلُوبِ بِتَرْكِ هَذِهِ الْمُسْتَحَبَّاتِ لِأَنَّ مَصْلَحَةَ التَّأْلِيفِ فِي الدِّينِ أَعْظَمُ مِنْ مَصْلَحَةِ فِعْلِ مِثْلِ هَذَا كَمَا تَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَغْيِيرَ بِنَاءِ الْبَيْتِ لِمَا فِي إبْقَائِهِ مِنْ تَأْلِيفِ الْقُلُوبِ وَكَمَا أَنْكَرَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَلَى عُثْمَانَ إتْمَامَ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ ثُمَّ صَلَّى خَلْفَهُ مُتِمًّا. وَقَالَ الْخِلَافُ شَرٌّ. وَهَذَا وَإِنْ كَانَ وَجْهًا حَسَنًا فَمَقْصُودُ أَحْمَد أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ كَانُوا لَا يَقْرَءُونَهَا فَيَجْهَرُ بِهَا لِيُبَيِّنَ أَنَّ قِرَاءَتَهَا سُنَّةٌ كَمَا جَهَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِقِرَاءَةِ أُمِّ الْكِتَابِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَقَالَ: لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ وَكَمَا جَهَرَ عُمَرُ