للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْآيَةِ؛ لَكِنْ مَعَ هَذَا لَيْسَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ نَفْيٌ لِقِرَاءَتِهَا سِرًّا؛ لِأَنَّهُ رَوَى " فَكَانُوا لَا يَجْهَرُونَ بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " وَهَذَا إنَّمَا نَفَى هُنَا الْجَهْرَ. وَأَمَّا اللَّفْظُ الْآخَرُ " لَا يَذْكُرُونَ " فَهُوَ إنَّمَا يَنْفِي مَا يُمْكِنُهُ الْعِلْمُ بِانْتِفَائِهِ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي الْجَهْرِ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَسْمَعْ مَعَ الْقُرْبِ عُلِمَ أَنَّهُمْ لَمْ يَجْهَرُوا. وَأَمَّا كَوْنُ الْإِمَامِ لَمْ يَقْرَأْهَا فَهَذَا لَا يُمْكِنُ إدْرَاكُهُ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ سَكْتَةٌ يُمْكِنُ فِيهَا الْقِرَاءَةُ سِرًّا؛ وَلِهَذَا اسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ أَنَسٍ عَلَى عَدَمِ الْقِرَاءَةِ مَنْ لَمْ يَرَ هُنَاكَ سُكُوتًا كَمَالِكِ وَغَيْرِهِ؛ لَكِنْ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ {حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَرَأَيْت سُكُوتَك بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ مَاذَا تَقُولُ؟ قَالَ: أَقُولُ: كَذَا وَكَذَا} إلَى آخِرِهِ. وَفِي السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ وأبي وَغَيْرِهِمَا: أَنَّهُ كَانَ يَسْكُتُ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ. وَفِيهَا أَنَّهُ كَانَ يَسْتَعِيذُ وَإِذَا كَانَ لَهُ سُكُوتٌ لَمْ يُمْكِنْ أَنَسًا أَنْ يَنْفِيَ قِرَاءَتَهَا فِي ذَلِكَ السُّكُوتِ فَيَكُونُ نَفْيُهُ لِلذِّكْرِ وَإِخْبَارُهُ بِافْتِتَاحِ الْقِرَاءَةِ بِهَا إنَّمَا هُوَ فِي الْجَهْرِ وَكَمَا أَنَّ الْإِمْسَاكَ عَنْ الْجَهْرِ مَعَ الذِّكْرِ سِرًّا يُسَمَّى سُكُوتًا كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَيَصْلُحُ أَنْ يُقَالَ: لَمْ يَقْرَأْهَا وَلَمْ يَذْكُرْهَا؛ أَيْ جَهْرًا؛ فَإِنَّ لَفْظَ السُّكُوتِ وَلَفْظَ نَفْيِ الذِّكْرِ وَالْقِرَاءَةِ: مَدْلُولُهُمَا هُنَا وَاحِدٌ.