للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيُقَالُ: إنَّ النَّوَافِلَ شُرِعَتْ لِجَبْرِ النَّقْصِ الْحَاصِلِ فِي الْفَرَائِضِ كَمَا فِي السُّنَنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ مِنْ عَمَلِهِ الصَّلَاةُ فَإِنْ أَكْمَلَهَا وَإِلَّا قِيلَ: اُنْظُرُوا هَلْ لَهُ مَنْ تَطَوُّعٍ فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ أُكْمِلَتْ بِهِ الْفَرِيضَةُ ثُمَّ يُصْنَعُ بِسَائِرِ أَعْمَالِهِ}. وَهَذَا الْإِكْمَالُ يَتَنَاوَلُ مَا نَقَصَ مُطْلَقًا.

[وَأَمَّا الْوَسْوَاسُ الَّذِي يَكُونُ غَالِبًا عَلَى الصَّلَاةِ فَقَدْ قَالَ طَائِفَةٌ - مِنْهُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ وَأَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ - وَغَيْرُهُمَا: أَنَّهُ يُوجِبُ الْإِعَانَةَ أَيْضًا لِمَا أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {إذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ فَإِذَا قُضِيَ التَّأْذِينَ أَقْبَلَ فَإِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ فَإِذَا قَضَى التَّثْوِيبَ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ فَيَقُولُ: اُذْكُرْ كَذَا اُذْكُرْ كَذَا لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى فَإِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ}. وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {الصَّلَاةُ مَعَ الْوَسْوَاسِ مُطْلَقًا}. وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ]. (*)

وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْوَسْوَاسَ كُلَّمَا قَلَّ فِي الصَّلَاةِ كَانَ أَكْمَلَ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {إنَّ مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُحَدِّثْ


(*) قال الشيخ ناصر بن حمد الفهد (ص ١٨٩):
هنا أمور:
الأول: أن هذا الكلام فيه سقط، يدل عليه أمران:
١ - السياق: فإن ابن حامد وأبا حامد اللذين ذكرهما هنا يريان الإعادة على المسوس، إلا أن الدليل الذي ذكره لهما دليل من لا يرى الإعادة كما هو ظاهر.
٢ - أنه ذكر القولين في: ٢٢/ ٦١٢، فذكر قول ابن حامد وأبي حامد، ثم ذكر قول من لا يوجب الإعادة، ثم ذكر هذا الدليل على القول الثاني.
فيتبين من هذا أن السقط كان دليل القول الأول، وذكر القول الثاني، وانظر الأقوال والأدلة في الموضع المذكور: ٢٢/ ٦١١ - ٦١٣.
الثاني: أن ما ذكر هنا عن الشيخ من قوله (وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: " الصلاة مع الوسواس مطلقا " ولم يفرق بين القليل والكثير) يظهر أنه تصحيف، يدل عليه أمران أيضاً:
١ - أنه لا يوجد حديث صحيح بهذا اللفظ.
٢ - أنه ذكر في موضع آخر في تعليقه على حديث الشيطان ووسوسته للمصلي:
٢٢/ ٦١٣: (فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الشيطان يذكره بأمور حتى لا يدري كم صلى، وأمره بسجدتين للسهو، ولم يأمره بالإعادة، ولم يفرق بين القليل والكثير) فهذا الكلام كالشرح لما أجمله في الموضع الأول.
لذلك فصواب العبارة - والله أعلم -:
(فقد صحح النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة مع الوسواس مطلقاً، ولم يفرق بين القليل والكثير).
الثالث: أن هذا الخلل موجود في (الفتاوى الكبرى) أيضاً: ٢/ ٢٤.