للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهُمْ يَصُفُّونَ لَهُ صُفُوفًا كَمَا قَالُوا: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ} {وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ} . وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {أَلَّا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ قَالُوا: وَكَيْفَ تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا قَالَ: يَسُدُّونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ} .

فَصْلٌ:

فَآيَاتُهُ سُبْحَانَهُ تُوجِبُ شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: فَهْمُهَا وَتَدَبُّرُهَا لِيَعْلَمَ مَا تَضَمَّنَتْهُ. وَالثَّانِي: عِبَادَتُهُ وَالْخُضُوعُ لَهُ إذَا سُمِعَتْ فَتِلَاوَتُهُ إيَّاهَا وَسَمَاعُهَا يُوجِبُ هَذَا وَهَذَا فَلَوْ سَمِعَهَا السَّامِعُ وَلَمْ يَفْهَمْهَا كَانَ مَذْمُومًا وَلَوْ فَهِمَهَا وَلَمْ يَعْمَلْ بِمَا فِيهَا كَانَ مَذْمُومًا بَلْ لَا بُدَّ لِكُلِّ أَحَدٍ عِنْدَ سَمَاعِهَا مِنْ فَهْمِهَا وَالْعَمَلِ بِهَا. كَمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ لِكُلِّ أَحَدٍ مِنْ اسْتِمَاعِهَا فَالْمُعْرِضُ عَنْ اسْتِمَاعِهَا كَافِرٌ وَاَلَّذِي لَا يَفْهَمُ مَا أُمِرَ بِهِ فِيهَا كَافِرٌ. وَاَلَّذِي يَعْلَمُ مَا أُمِرَ بِهِ فَلَا يُقِرُّ بِوُجُوبِهِ وَيَفْعَلُهُ كَافِرٌ. وَهُوَ سُبْحَانَهُ يَذُمُّ الْكُفَّارَ بِهَذَا وَهَذَا. وَهَذَا كَقَوْلِهِ: {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ} {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ} {فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} وَقَوْلِهِ: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} وَقَوْلِهِ: {كِتَابٌ