للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَرَأَ {وَالنَّجْمِ} سَجَدَ وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ. كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ {أَنَّهُمْ سَجَدُوا إلَّا رَجُلًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ أَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصَى وَقَالَ يَكْفِينِي هَذَا. قَالَ فَلَقَدْ رَأَيْته بَعْدُ قُتِلَ كَافِرًا} وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا مَأْمُورِينَ بِهَذَا السُّجُودِ وَأَنَّ تَارِكَهُ كَانَ مَذْمُومًا وَلَيْسَ هُوَ سُجُودَ الصَّلَاةِ؛ بَلْ كَانَ خُضُوعًا لِلَّهِ وَفِيهِمْ كُفَّارٌ وَفِيهِمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَوَضِّئًا لَكِنْ سُجُودُ الْخُضُوعِ إذَا تُلِيَ كَلَامُهُ. كَمَا أَثْنَى عَلَى مَنْ إذَا سَمِعَهُ سَجَدَ فَقَالَ: {إذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} وَقَالَ: {إنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا} {وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا} {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} وَهَذَا وَإِنْ قِيلَ: إنَّهُ مُتَنَاوِلٌ سُجُودَ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُمْ إذَا سَمِعُوا الْقُرْآنَ رَكَعُوا وَسَجَدُوا فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ مُتَنَاوِلٌ سُجُودَ الْقُرْآنِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ هُنَاكَ السُّجُودَ بَعْضُ الصَّلَاةِ وَهُنَا ذَكَرَ سُجُودًا مُجَرَّدًا عَلَى الْأَذْقَانِ فَمَا بَقِيَ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الرُّكُوعِ؛ لِأَنَّ الرُّكُوعَ لَا يَكُونُ عَلَى الْأَذْقَانِ. وَقَوْلُهُ: {لِلْأَذْقَانِ} أَيْ عَلَى الْأَذْقَانِ. كَمَا قَالَ: {وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} أَيْ عَلَى الْجَبِينِ. وَقَوْلُهُ: {لِلْأَذْقَانِ} يَدُلُّ عَلَى تَمَامِ السُّجُودِ