للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ مَعَهُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِهَا حَالَ الْخَوْفِ وَهُوَ يَدُلُّ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى عَلَى وُجُوبِهَا حَالَ الْأَمْنِ.

الثَّانِي: أَنَّهُ سَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ جَمَاعَةً وَسَوَّغَ فِيهَا مَا لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ عُذْرٍ. كَاسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ وَالْعَمَلِ الْكَثِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ عُذْرٍ بِالِاتِّفَاقِ وَكَذَلِكَ مُفَارَقَةُ الْإِمَامِ قَبْلَ السَّلَامِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَكَذَلِكَ التَّخَلُّفُ عَنْ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ كَمَا يَتَأَخَّرُ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ بَعْدَ رُكُوعِهِ مَعَ الْإِمَامِ إذَا كَانَ الْعَدُوُّ أَمَامَهُمْ. قَالُوا: وَهَذِهِ الْأُمُورُ تُبْطِلُ الصَّلَاةَ لَوْ فُعِلَتْ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ الْجَمَاعَةُ وَاجِبَةً بَلْ مُسْتَحَبَّةً لَكَانَ قَدْ الْتَزَمَ فِعْلَ مَحْظُورٍ مُبْطِلٍ لِلصَّلَاةِ وَتُرِكَتْ الْمُتَابَعَةُ الْوَاجِبَةُ فِي الصَّلَاةِ لِأَجْلِ فِعْلٍ مُسْتَحَبٍّ مَعَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ الْمُمْكِنِ أَنْ يُصَلُّوا وُحْدَانًا صَلَاةً تَامَّةً فَعُلِمَ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ. وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} إمَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمُقَارَنَةُ بِالْفِعْلِ وَهِيَ الصَّلَاةُ جَمَاعَةً. وَإِمَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ مَا يُرَادُ بِقَوْلِهِ: {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} فَإِنْ أُرِيدَ الثَّانِي لَمْ يَكُنْ فَرْقٌ بَيْنَ قَوْلِهِ: صَلُّوا مَعَ الْمُصَلِّينَ وَصُومُوا مَعَ الصَّائِمِينَ {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} وَالسِّيَاقُ يَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِ الرُّكُوعِ بِذَلِكَ.