للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْقِيَاسُ الشُّمُولِيُّ الْمُؤَلَّفُ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ الْيَقِينِيَّةِ وَإِنْ كَانَ لَفْظُ الْبُرْهَانِ فِي اللُّغَةِ أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ كَمَا سَمَّى اللَّهُ آيَتَيْ مُوسَى بُرْهَانَيْنِ. وَمِمَّا يُوَضِّحُ هَذَا أَنَّ الْعِلْمَ الْإِلَهِيَّ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَدَلَّ فِيهِ بِقِيَاسِ تَمْثِيلٍ يَسْتَوِي فِيهِ الْأَصْلُ وَالْفَرْعُ وَلَا بِقِيَاسِ شُمُولِيٍّ تَسْتَوِي أَفْرَادُهُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُمَثِّلَ بِغَيْرِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَدْخُلَ هُوَ وَغَيْرُهُ تَحْتَ قَضِيَّةٍ كُلِّيَّةٍ تَسْتَوِي أَفْرَادُهَا - وَلِهَذَا لَمَّا سَلَكَ طَوَائِفُ مِنْ الْمُتَفَلْسِفَةِ وَالْمُتَكَلِّمَةِ مِثْلَ هَذِهِ الْأَقْيِسَةِ فِي الْمَطَالِبِ الْإِلَهِيَّةِ لَمْ يَصِلُوا بِهَا إلَى يَقِينٍ بَلْ تَنَاقَضَتْ أَدِلَّتُهُمْ وَغَلَبَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ التَّنَاهِي الْحَيْرَةُ وَالِاضْطِرَابُ؛ لِمَا يَرَوْنَهُ مِنْ فَسَادِ أَدِلَّتِهِمْ أَوْ تَكَافُئِهَا. وَلَكِنْ يُسْتَعْمَلُ فِي ذَلِكَ قِيَاسُ الْأَوْلَى سَوَاءٌ كَانَ تَمْثِيلًا أَوْ شُمُولًا كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} مِثْلَ أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ كُلَّ كَمَالٍ ثَبَتَ لِلْمُمْكِنِ أَوْ الْمُحْدِثِ لَا نَقْصَ فِيهِ بِوَجْهِ مِنْ الْوُجُوهِ: وَهُوَ مَا كَانَ كَمَالًا لِلْمَوْجُودِ غَيْرِ مُسْتَلْزِمٍ لِلْعَدَمِ فَالْوَاجِبُ الْقَدِيمُ أَوْلَى بِهِ. وَكُلُّ كَمَالٍ لَا نَقْصَ فِيهِ بِوَجْهِ مِنْ الْوُجُوهِ ثَبَتَ نَوْعُهُ لِلْمَخْلُوقِ - الْمَرْبُوبِ الْمَعْلُولِ الْمُدَبِّرِ فَإِنَّمَا اسْتَفَادَهُ مِنْ خَالِقِهِ وَرَبِّهِ وَمُدَبِّرِهِ - فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُ. وَأَنَّ كُلَّ نَقْصٍ وَعَيْبٍ فِي نَفْسِهِ - وَهُوَ مَا تَضَمَّنَ سَلْبَ هَذَا الْكَمَالِ إذَا وَجَبَ نَفْيُهُ عَنْ شَيْءٍ مَا مِنْ أَنْوَاعِ الْمَخْلُوقَاتِ وَالْمُحْدَثَاتِ وَالْمُمْكِنَاتِ - فَإِنَّهُ يَجِبُ نَفْيُهُ عَنْ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. وَأَنَّهُ أَحَقُّ بِالْأُمُورِ الْوُجُودِيَّةِ مِنْ كُلِّ مَوْجُودٍ وَأَمَّا الْأُمُورُ الْعَدَمِيَّةُ فَالْمُمْكِنُ بِهَا أَحَقُّ وَنَحْوُ ذَلِكَ.