للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَمَّا الْوَقْتُ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَلَافِيهِ فَإِذَا فَاتَ لَمْ يُمْكِنْ فِعْلُ الصَّلَاةِ فِيهِ فَنَظِيرُ ذَلِكَ فَوْتُ الْجُمُعَةِ وَفَوْتُ الْجَمَاعَةِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهَا فَإِذَا فَوَّتَ الْجُمُعَةَ الْوَاجِبَةَ كَانَ آثِمًا وَعَلَيْهِ الظُّهْرُ إذْ لَا يُمْكِنُ سِوَى ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ مَنْ فَوَّتَ الْجَمَاعَةَ الْوَاجِبَةَ الَّتِي يَجِبُ عَلَيْهِ شُهُودُهَا وَلَيْسَ هُنَاكَ جَمَاعَةٌ أُخْرَى فَإِنَّهُ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ هُنَا لِعَدَمِ إمْكَانِ صَلَاتِهِ جَمَاعَةً كَمَا تَصِحُّ الظُّهْرُ مِمَّنْ تَفُوتُهُ الْجُمُعَةُ. وَلَيْسَ وُجُوبُ الْجَمَاعَةِ بِأَعْظَمَ مِنْ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِيمَنْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ مُنْفَرِدًا لِغَيْرِ عُذْرٍ ثُمَّ أُقِيمَتْ الْجَمَاعَةُ فَهَذَا عِنْدَهُمْ عَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَ الْجَمَاعَةَ كَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَ الْجُمُعَةِ عَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَ الْجُمُعَةَ. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي فِي السُّنَنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ. ثُمَّ لَمْ يُجِبْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَلَا صَلَاةَ لَهُ} . وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: " {لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ.} فَإِنَّ هَذَا مَعْرُوفٌ مِنْ كَلَامِ عَلِيٍّ وَعَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَقَدْ رَوَاهُ الدارقطني مَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوَّى ذَلِكَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ. قَالُوا: وَلَا يُعْرَفُ فِي كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ حَرْفُ النَّفْيِ دَخَلَ عَلَى فِعْلٍ شَرْعِيٍّ إلَّا لِتَرْكِ وَاجِبٍ فِيهِ كَقَوْلِهِ: " {لَا صَلَاةَ إلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ} وَ " {لَا إيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ} . وَنَحْوِ ذَلِكَ.