للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّفَرُ الَّذِي عَلَّقَ بِهِ الشَّارِعُ الْحُكْمَ وَذَلِكَ مِثْلُ سَفَرِ أَهْلِ مَكَّةَ إلَى عَرَفَةَ؛ فَإِنَّ هَذِهِ الْمَسَافَةَ بَرِيدٌ وَهَذَا سَفَرٌ ثَبَتَ فِيهِ جَوَازُ الْقَصْرِ وَالْجَمْعِ بِالسُّنَّةِ؛ وَالْبَرِيدُ هُوَ نِصْفُ يَوْمٍ بِسَيْرِ الْإِبِلِ وَالْأَقْدَامِ وَهُوَ رُبُعُ مَسَافَةِ يَوْمَيْنِ وَلَيْلَتَيْنِ وَهُوَ الَّذِي قَدْ يُسَمَّى مَسَافَةَ الْقَصْرِ وَهُوَ الَّذِي يُمْكِنُ الذَّاهِبُ إلَيْهَا أَنْ يَرْجِعَ مِنْ يَوْمِهِ. وَأَمَّا مَا دُونَ هَذِهِ الْمَسَافَةِ إنْ كَانَتْ مَسَافَةُ الْقَصْرِ مَحْدُودَةً بِالْمِسَاحَةِ: فَقَدْ قِيلَ يَقْصُرُ فِي مِيلٍ. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ سَافَرْت مِيلًا لَقَصَرْت. قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: لَمْ نَجِدْ أَحَدًا يَقْصُرُ فِي أَقَلَّ مِنْ مِيلٍ وَوُجِدَ ابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُ يَقْصُرُونَ فِي هَذَا الْقَدْرِ وَلَمْ يُحِدَّ الشَّارِعُ فِي السَّفَرِ حَدًّا فَقُلْنَا بِذَلِكَ اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ الْمُطْلَقَةِ وَلَمْ نَجِدْ أَحَدًا يَقْصُرُ بِمَا دُونَ الْمِيلِ. وَلَكِنْ هُوَ عَلَى أَصْلِهِ وَلَيْسَ هَذَا إجْمَاعًا فَإِذَا كَانَ ظَاهِرُ النَّصِّ يَتَنَاوَلُ مَا دُونَ ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّهُ أَنْ لَا يَعْرِفَ أَحَدًا ذَهَبَ إلَيْهِ كَعَادَتِهِ فِي أَمْثَالِهِ. وَأَيْضًا فَلَيْسَ فِي قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَا يَقْصُرُ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ. وَأَيْضًا فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَقْصُرُ فِي يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ فَإِمَّا أَنْ تَتَعَارَضَ أَقْوَالُهُ أَوْ تُحْمَلَ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ. وَالْكَلَامُ فِي مَقَامَيْنِ: " الْمَقَامُ الْأَوَّلُ " أَنَّ مَنْ سَافَرَ مِثْلَ سَفَرِ أَهْلِ مَكَّةَ إلَى عَرَفَاتٍ