للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَى الْعَبْدِ وَمَعَ هَذَا لَا يَلْزَمُهُ فِعْلُهُ وَلَا فِعْلُ بَدَلِهِ وَلَا نَظِيرِهِ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ الْفَرْضَ عَلَى الْمُسَافِرِ الرَّكْعَتَانِ فَقَطْ وَهَذَا الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ أَحْمَد وَقُدَمَاءِ أَصْحَابِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي الْقَصْرِ نِيَّةً وَقَالَ: لَا يُعْجِبُنِي الْأَرْبَعُ وَتَوَقَّفَ فِي إجْزَاءِ الْأَرْبَعِ. وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ عَنْ أَحْمَد أَنَّهُ قَالَ: لَا يَقْصُرُ إلَّا بِنِيَّةٍ. وَإِنَّمَا هَذَا مِنْ قَوْلِ الخرقي وَمَنْ اتَّبَعَهُ وَنُصُوصُ أَحْمَد وَأَجْوِبَتُهُ كُلُّهَا مُطْلَقَةٌ فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ؛ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ مُوَافَقَةً لِقُدَمَاءِ الْأَصْحَابِ كَالْخَلَّالِ وَغَيْرِهِ؛ بَلْ وَالْأَثْرَمِ وَأَبِي دَاوُد وَإِبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ وَغَيْرِهِمْ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَشْتَرِطُوا النِّيَّةَ لَا فِي قَصْرٍ وَلَا فِي جَمْعٍ. وَإِذَا كَانَ فَرْضُهُ رَكْعَتَيْنِ فَإِذَا أَتَى بِهِمَا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ سَوَاءٌ نَوَى الْقَصْرَ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ وَهَذَا قَوْلُ الْجَمَاهِيرِ كَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَعَامَّةِ السَّلَفِ. وَمَا عَلِمْت أَحَدًا مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ اشْتَرَطَ نِيَّةً لَا فِي قَصْرٍ وَلَا فِي جَمْعٍ وَلَوْ نَوَى الْمُسَافِرُ الْإِتْمَامَ كَانَتْ السُّنَّةُ فِي حَقِّهِ الرَّكْعَتَيْنِ وَلَوْ صَلَّى أَرْبَعًا كَانَ ذَلِكَ مَكْرُوهًا كَمَا لَمْ يَنْوِهِ. وَلَمْ يَنْقُلْ قَطُّ أَحَدٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ أَصْحَابَهُ لَا بِنِيَّةِ قَصْرٍ وَلَا نِيَّةِ جَمْعٍ وَلَا كَانَ خُلَفَاؤُهُ وَأَصْحَابُهُ يَأْمُرُونَ بِذَلِكَ مَنْ يُصَلِّي خَلْفَهُمْ مَعَ أَنَّ الْمَأْمُومِينَ أَوْ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْرِفُونَ مَا يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَرَجَ فِي حَجَّتِهِ صَلَّى بِهِمْ