للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَكُمْ} الْآيَةَ. فَأَمَرَ بِالْجِهَادِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ لِلنُّفُوسِ لَكِنَّ مَصْلَحَتَهُ وَمَنْفَعَتَهُ رَاجِحَةٌ عَلَى مَا يَحْصُلُ لِلنُّفُوسِ مِنْ أَلَمِهِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَشْرَبُ الدَّوَاءَ الْكَرِيهَ لِتَحْصُلَ لَهُ الْعَافِيَةُ فَإِنَّ مَصْلَحَةَ حُصُولِ الْعَافِيَةِ لَهُ رَاجِحَةٌ عَلَى أَلَمِ شُرْبِ الدَّوَاءِ. وَكَذَلِكَ التَّاجِرُ الَّذِي يَتَغَرَّبُ عَنْ وَطَنِهِ وَيَسْهَرُ وَيَخَافُ وَيَتَحَمَّلُ هَذِهِ الْمَكْرُوهَاتِ مَصْلَحَةُ الرِّبْحِ الَّذِي يَحْصُلُ لَهُ رَاجِحَةٌ عَلَى هَذِهِ الْمَكَارِهِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {حُفَّتْ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَحُفَّتْ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ} . وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي حَقِّ السَّاحِرِ: {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} - إلَى قَوْلِهِ - {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} فَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ يَعْلَمُونَ أَنَّ السَّاحِرَ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ. وَإِنَّمَا يَطْلُبُونَ بِذَلِكَ بَعْضَ أَغْرَاضِهِمْ فِي الدُّنْيَا {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} آمَنُوا وَاتَّقَوْا بِفِعْلِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَتَرْكِ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ لَكَانَ مَا يَأْتِيهِمْ بِهِ عَلَى ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ خَيْرٌ لَهُمْ مِمَّا يَحْصُلُ لَهُمْ بِالسِّحْرِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} . وَقَالَ: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} . وَقَالَ: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً}