للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَذَا كَقَوْلِ مَنْ قَالَ: لَا أَعْلَمُ أَنَّهُمْ رَضُوهُ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُمْ مِنْ الطَّبَقَةِ الْعَالِيَةِ وَلِهَذَا لَمْ يُخَرِّجْ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ لَهُ وَلِأَمْثَالِهِ، لَكِنَّ مُجَرَّدَ عَدَمِ تَخْرِيجِهِمَا لِلشَّخْصِ لَا يُوجِبُ رَدَّ حَدِيثِهِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيُقَالُ: إذَا كَانَ الْجَارِحُ وَالْمُعَدِّلُ مِنْ الْأَئِمَّةِ لَمْ يُقْبَلْ الْجَرْحُ إلَّا مُفَسَّرًا فَيَكُونُ التَّعْدِيلُ مُقَدَّمًا عَلَى الْجَرْحِ الْمُطْلَقِ. الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ حَدِيثَ مِثْلِ هَؤُلَاءِ يَدْخُلُ فِي الْحَسَنِ الَّذِي يَحْتَجُّ بِهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ فَإِذَا صَحَّحَهُ مَنْ صَحَّحَهُ كَالتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مِنْ الْجَرْحِ إلَّا مَا ذُكِرَ كَانَ أَقَلَّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْحَسَنِ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يُقَالَ قَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ: أَحَدُهُمَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْآخَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرِجَالُ هَذَا لَيْسَ رِجَالَ هَذَا فَلَمْ يَأْخُذْهُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ وَلَيْسَ فِي الْإِسْنَادَيْنِ مَنْ يُتَّهَمُ بِالْكَذِبِ وَإِنَّمَا التَّضْعِيفُ مِنْ جِهَةِ سُوءِ الْحِفْظِ وَمِثْلُ هَذَا حُجَّةٌ بِلَا رَيْبٍ وَهَذَا مِنْ أَجْوَدِ الْحَسَنِ الَّذِي شَرَطَهُ التِّرْمِذِيُّ فَإِنَّهُ جَعَلَ الْحَسَنَ مَا تَعَدَّدَتْ طُرُقُهُ وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا مُتَّهَمٌ وَلَمْ يَكُنْ شَاذًّا: أَيْ مُخَالِفًا لِمَا ثَبَتَ بِنَقْلِ الثقاة. وَهَذَا الْحَدِيثُ تَعَدَّدَتْ طُرُقُهُ وَلَيْسَ فِيهِ مُتَّهَمٌ وَلَا خَالَفَهُ أَحَدٌ مِنْ الثقاة وَذَلِكَ أَنَّ الْحَدِيثَ إنَّمَا يُخَافُ فِيهِ مِنْ شَيْئَيْنِ: إمَّا تَعَمُّدُ الْكَذِبِ وَإِمَّا خَطَأُ الرَّاوِي فَإِذَا كَانَ مِنْ وَجْهَيْنِ لَمْ يَأْخُذْهُ أَحَدُهُمَا