للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنَّهُ يَتَأَذَّى بِالْبُكَاءِ عَلَيْهِ كَمَا نَطَقَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {إنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ} - وَفِي لَفْظٍ - {مَنْ يُنَحْ عَلَيْهِ يُعَذَّبْ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ} " وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ لَمَّا أُغْمِيَ عَلَيْهِ جَعَلَتْ أُخْتُهُ تَنْدُبُ وَتَقُولُ: وَاعَضُدَاه وَانَاصِرَاه فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: مَا قُلْت لِي شَيْئًا إلَّا قِيلَ لِي: أَكَذَلِكَ أَنْتَ؟ . وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ طَوَائِفُ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَاعْتَقَدُوا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ تَعْذِيبِ الْإِنْسَانِ بِذَنْبِ غَيْرِهِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ثُمَّ تَنَوَّعَتْ طُرُقُهُمْ فِي تِلْكَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ. فَمِنْهُمْ مَنْ غَلَّطَ الرُّوَاةَ لَهَا كَعُمَرِ بْنِ الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ عَائِشَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا. وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا أَوْصَى بِهِ فَيُعَذَّبُ عَلَى إيصَائِهِ وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ: كالمزني وَغَيْرِهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ عَادَتُهُمْ فَيُعَذَّبُ عَلَى تَرْكِ النَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَهُوَ اخْتِيَارُ طَائِفَةٍ: مِنْهُمْ جَدِّي أَبُو الْبَرَكَاتِ وَكُلُّ