للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنَّهُ لَا وُجُوبَ إلَّا مِنْ حِينِ الْإِهْلَالِ وَالرُّؤْيَةِ؛ لَا مِنْ حِينِ الطُّلُوعِ وَلِأَنَّ الْإِجْمَاعَ الَّذِي حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ يَدُلُّ عَلَى هَذَا؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ إذَا لَمْ يَبْلُغُ الْخَبَرُ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ لَمْ يَبْقَ فِيهِ فَائِدَةٌ إلَّا وُجُوبُ الْقَضَاءِ فَعُلِمَ أَنَّ الْقَضَاءَ لَا يَجِبُ بِرُؤْيَةٍ بَعِيدَةٍ مُطْلَقًا. فَتَلَخَّصَ: أَنَّهُ مَنْ بَلَغَهُ رُؤْيَةُ الْهِلَالِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُؤَدِّي بِتِلْكَ الرُّؤْيَةِ الصَّوْمَ أَوْ الْفِطْرَ أَوْ النُّسُكَ وَجَبَ اعْتِبَارُ ذَلِكَ بِلَا شَكٍّ وَالنُّصُوصُ وَآثَارُ السَّلَفِ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ. وَمَنْ حَدَّدَ ذَلِكَ بِمَسَافَةِ قَصْرٍ أَوْ إقْلِيمٍ فَقَوْلُهُ: مُخَالِفٌ لِلْعَقْلِ وَالشَّرْعِ. وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ إلَّا بَعْدَ الْأَدَاءِ وَهُوَ مِمَّا لَا يُقْضَى كَالْعِيدِ الْمَفْعُولِ وَالنُّسُكِ فَهَذَا لَا تَأْثِيرَ لَهُ وَعَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ الَّذِي حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ. وَأَمَّا إذَا بَلَغَهُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ: فَهَلْ يُؤَثِّرُ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ؟ وَفِي بِنَاءِ الْفِطْرِ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ: مِنْ حُلُولِ الدَّيْنِ وَمُدَّةِ الْإِيلَاءِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَالْقَضَاءُ يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَفِي بِنَاءِ الْفِطْرِ عَلَيْهِ نَظَرٌ. فَهَذَا مُتَوَسِّطٌ فِي الْمَسْأَلَةِ: وَمَا مِنْ قَوْلٍ سِوَاهُ إلَّا وَلَهُ لَوَازِمُ شَنِيعَةٌ