للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْحِسَابَ} فَإِنَّ عَدَدَ شُهُورِ السَّنَةِ وَعَدَدَ السَّنَةِ بَعْدَ السَّنَةِ إنَّمَا أَصْلُهُ بِتَقْدِيرِ الْقَمَرِ مَنَازِلَ. وَكَذَلِكَ مَعْرِفَةُ الْحِسَابِ؛ فَإِنَّ حِسَابَ بَعْضِ الشُّهُورِ لِمَا يَقَعُ فِيهِ مِنْ الْآجَالِ وَنَحْوِهَا إنَّمَا يَكُونُ بِالْهِلَالِ وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} . فَظَهَرَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّهُ بِالْهِلَالِ يَكُونُ تَوْقِيتُ الشَّهْرِ وَالسَّنَةِ وَأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ يَقُومُ مَقَامَ الْهِلَالِ أَلْبَتَّةَ لِظُهُورِهِ وَظُهُورِ الْعَدَدِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ وَتَيَسُّرِ ذَلِكَ وَعُمُومِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَصَالِحِ الْخَالِيَةِ عَنْ الْمَفَاسِدِ. وَمَنْ عَرَفَ مَا دَخَلَ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ وَالصَّابِئِينَ وَالْمَجُوسِ وَغَيْرِهِمْ فِي أَعْيَادِهِمْ وَعِبَادَاتِهِمْ وَتَوَارِيخِهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِهِمْ مِنْ الِاضْطِرَابِ وَالْحَرَجِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَفَاسِدِ: ازْدَادَ شُكْرُهُ عَلَى نِعْمَةِ الْإِسْلَامِ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يَشْرَعُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا دَخَلَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْمُتَفَلْسِفَةِ الصَّابِئَةِ الَّذِينَ أَدْخَلُوا فِي مِلَّتِهِمْ وَشَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ. فَلِهَذَا ذَكَرْنَا مَا ذَكَرْنَاهُ حِفْظًا لِهَذَا الدِّينِ عَنْ إدْخَالِ الْمُفْسِدِينَ فَإِنَّ هَذَا مِمَّا يُخَافُ تَغْيِيرُهُ فَإِنَّهُ قَدْ كَانَتْ الْعَرَبُ فِي جَاهِلِيَّتِهَا قَدْ غَيَّرَتْ مِلَّةَ إبْرَاهِيمَ بِالنَّسِيءِ الَّذِي ابْتَدَعَتْهُ فَزَادَتْ بِهِ فِي السَّنَةِ شَهْرًا جَعَلَتْهَا كَبِيسًا؛ لِأَغْرَاضِ لَهُمْ.