للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالشِّتَاءِ: إذَا كَانَتْ الشَّمْسُ فِي الْبُرُوجِ الشَّمَالِيَّةِ مُرْتَفِعَةً أَوْ فِي الْبُرُوجِ الْجَنُوبِيَّةِ مُنْخَفِضَةً. فَتَبَيَّنَ بِهَذَا الْبَيَانِ أَنَّ خَبَرَهُمْ بِالرُّؤْيَةِ مِنْ جِنْسِ خَبَرِهِمْ بِالْأَحْكَامِ وَأَضْعَفَ وَذَلِكَ أَنَّهُ هَبْ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْحَرَكَاتِ الْعُلْوِيَّةَ سَبَبُ الْحَوَادِثِ الْأَرْضِيَّةِ. فَإِنَّ هَذَا الْقَدْرَ لَا يُمْكِنُ الْمُسْلِمُ أَنْ يَجْزِمَ بِنَفْيِهِ إذْ اللَّهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَ بَعْضَ الْمَخْلُوقَاتِ أَعْيَانَهَا وَصِفَاتِهَا وَحَرَكَاتِهَا سَبَبًا لِبَعْضِ وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يُحِيلُهُ شَرْعٌ وَلَا عَقْلٌ لَكِنْ الْمُسْلِمُونَ قِسْمَانِ: مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ هَذَا لَا دَلِيلَ عَلَى ثُبُوتِهِ فَلَا يَجُوزُ الْقَوْلُ بِهِ فَإِنَّهُ قَوْلٌ بِلَا عِلْمٍ. وَآخَرُ يَقُولُ: بَلْ هُوَ ثَابِتٌ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ عُرِفَ بَعْضُهُ بِالتَّجْرِبَةِ وَلِأَنَّ الشَّرِيعَةَ دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ لَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يُخَوِّفُ بِهِمَا عِبَادَهُ} وَالتَّخْوِيفُ إنَّمَا يَكُونُ بِوُجُودِ سَبَبِ الْخَوْفِ فَعُلِمَ أَنَّ كُسُوفَهُمَا قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِأَمْرٍ مَخُوفٍ وَقَوْلُهُ {لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ} رَدٌّ لِمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ النَّاسِ. فَإِنَّ الشَّمْسَ خَسَفَتْ يَوْمَ مَوْتِ إبْرَاهِيمَ فَاعْتَقَدَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهَا خَسَفَتْ مِنْ أَجْلِ مَوْتِهِ تَعْظِيمًا لِمَوْتِهِ وَأَنَّ مَوْتَهُ سَبَبُ خُسُوفِهَا فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ