للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُ لَمْ يَعْتَمِرْ بَعْدَ الْحَجِّ لَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ إلَّا عَائِشَةَ فَهَذَا كُلُّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ النَّقْلُ وَلَا خَالَفَ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.

وَلَكِنْ تَنَازَعُوا: هَلْ حَجَّ مُتَمَتِّعًا أَوْ مُفْرِدًا أَوْ قَارِنًا؟ أَوْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا؟ وَاضْطَرَبَتْ عَلَيْهِمْ فِيهِ الْأَحَادِيثُ وَهِيَ بِحَمْدِ اللَّهِ غَيْرُ مُخْتَلِفَةٍ عِنْدَ مَنْ فَهِمَ مُرَادَ الصَّحَابَةِ بِهَا. وَالْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامُ أَحْمَد أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَارِنًا بَيْنَ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ حَتَّى قَالَ: لَا أَشُكُّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَارِنًا وَهَذَا قَوْلُ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ: كَإِسْحَاقِ بْنِ رَاهَوَيْه وَغَيْرِهِ. وَهُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا رَيْبَ فِيهِ وَقَدْ صَنَّفَ أَبُو مُحَمَّدٍ ابْنُ حَزْمٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مُصَنَّفًا جَمَعَ فِيهِ الْآثَارَ وَقَرَّرَ ذَلِكَ. وَأَحْمَد إنَّمَا اخْتَارَ التَّمَتُّعَ؛ لِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ بِهِ لَا لِكَوْنِهِ كَانَ مُتَمَتِّعًا التَّمَتُّعَ الْخَاصَّ عِنْدَهُ وَلِهَذَا قَالَ فِي رِوَايَةِ المروذي: إنَّهُ إذَا سَاقَ الْهَدْيَ فَالْقِرَانُ أَفْضَلُ؟ وَلَوْلَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَنَ عِنْدَهُ وَسَاقَ الْهَدْيَ لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الْقَوْلِ وَجْهٌ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مُتَمَتِّعًا عِنْدَهُ لَكَانَ قَدْ فَعَلَهَا وَأَمَرَ بِهَا فَلَا وَجْهَ حِينَئِذٍ لِاخْتِيَارِ الْقِرَانِ لِمَنْ سَاقَ الْهَدْيَ.