للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَعَ إمْكَانِ صَوْمِهِمَا جُعِلَ لَهُمَا أَنْ يَصُومَا شَهْرًا آخَرَ فَالْحَائِضُ الْمَمْنُوعَةُ مِنْ ذَلِكَ أَوْلَى أَنْ تَصُومَ شَهْرًا آخَرَ وَإِذَا أُمِرَتْ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ لَمْ تُؤْمَرْ إلَّا بِشَهْرِ وَاحِدٍ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا إلَّا مَا يَجِبُ عَلَى غَيْرِهَا؛ وَلِهَذَا لَوْ اسْتَحَاضَتْ فَإِنَّهَا تَصُومُ مَعَ الِاسْتِحَاضَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ إذْ قَدْ تَسْتَحِيضُ وَقْتَ الْقَضَاءِ. وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَإِنَّهَا تَتَكَرَّرُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ وَالْحَيْضُ مِمَّا يَمْنَعُ الصَّلَاةَ فَلَوْ قِيلَ: إنَّهَا تُصَلِّي مَعَ الْحَيْضِ لِأَجْلِ الْحَاجَةِ لَمْ يَكُنْ الْحَيْضُ مَانِعًا مِنْ الصَّلَاةِ بِحَالِ وَكَانَ يَكُونُ الصَّوْمُ وَالطَّوَافُ بِالْبَيْتِ أَعْظَمَ حُرْمَةً مِنْ الصَّلَاةِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ كَانَ مِنْ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ أَنَّهَا لَا تُصَلِّي وَقْتَ الْحَيْضِ إذَا كَانَ لَهَا فِي الصَّلَاةِ أَوْقَاتَ الطُّهْرِ غنية عَنْ الصَّلَاةِ وَقْتَ الْحَيْضِ وَإِذَا كَانَتْ إنَّمَا مُنِعَتْ مِنْ الطَّوَافِ لِأَجْلِ الْمَسْجِدِ فَمَعْلُومٌ أَنَّ إبَاحَةَ ذَلِكَ لِلْعُذْرِ أَوْلَى مِنْ إبَاحَةِ مَسِّ الْمُصْحَفِ لِلْعُذْرِ وَلَوْ كَانَ لَهَا مُصْحَفٌ وَلَمْ يُمْكِنْهَا حِفْظُهُ إلَّا بِمَسِّهِ مِثْلَ أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَأْخُذَهُ لِصٌّ أَوْ كَافِرٌ أَوْ يَنْهَبَهُ أَحَدٌ أَوْ يَتَّهِبَهُ مِنْهَا وَلَمْ يُمْكِنْهَا مَنْعُهُ إلَّا بِمَسِّهِ لَكَانَ ذَلِكَ جَائِزًا لَهَا مَعَ أَنَّ الْمُحْدِثَ لَا يَمَسُّ الْمُصْحَفَ وَيَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ فِي الْمَسْجِدِ. فَعَلِمَ أَنَّ حُرْمَةَ الْمُصْحَفِ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ الْمَسْجِدِ وَإِذَا أُبِيحَ لَهَا مَسُّ الْمُصْحَفِ لِلْحَاجَةِ فَالْمَسْجِدُ الَّذِي حُرْمَتُهُ دُونَ حُرْمَةِ الْمُصْحَفِ أَوْلَى بِالْإِبَاحَةِ.