للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُحْرِمَ بِالْحَجِّ فَأَمَرَهَا بِالِاغْتِسَالِ مَعَ الْحَيْضِ لِلْإِهْلَالِ بِالْحَجِّ وَرَخَّصَ لِلْحَائِضِ مَعَ ذَلِكَ أَنْ تُلَبِّيَ وَتَقِفَ بِعَرَفَةَ وَتَدْعُوَ وَتَذْكُرَ اللَّهَ وَلَا تَغْتَسِلَ وَلَا تَتَوَضَّأَ وَلَا يُكْرَهُ لَهَا ذَلِكَ كَمَا يُكْرَهُ لِلْجُنُبِ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بِدُونِ طَهَارَةٍ؛ لِأَنَّهَا مُحْتَاجَةٌ إلَى ذَلِكَ وَغُسْلُهَا وَوُضُوءُهَا لَا يُؤَثِّرَانِ فِي الْحَدَثِ الْمُسْتَمِرِّ بِخِلَافِ غُسْلِهَا عِنْدَ الْإِحْرَامِ فَإِنَّهُ غُسْلُ نَظَافَةٍ كَمَا يُغْتَسَلُ لِلْجُمُعَةِ. وَلِهَذَا هَلْ يُتَيَمَّمُ لِمِثْلِ هَذِهِ الْأَغْسَالِ إذَا عُدِمَ الْمَاءُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَكَذَلِكَ هَلْ يُيَمَّمُ الْمَيِّتُ إذَا تَعَذَّرَ غَسْلُهُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ. وَلَيْسَ هَذَا كَغَسْلِ الْجَنَابَةِ وَالْوُضُوءِ مِنْ الْحَدَثِ. وَمَعَ هَذَا فَلَمْ تُؤْمَرْ بِالْغَسْلِ عِنْدَ دُخُولِ مَكَّةَ وَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ. فَلَمَّا نُهِيَتْ عَنْ الصَّلَاةِ مَعَ الْحَيْضِ دُونَ الْأَذْكَارِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ عُلِمَ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ وَمَا لَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ.

فَإِنْ قِيلَ: سَائِرُ الْأَذْكَارِ تُبَاحُ لِلْجُنُبِ وَالْمُحْدِثِ فَلَا حَظْرَ فِي ذَلِكَ. قِيلَ: الْجُنُبُ مَمْنُوعٌ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَيُكْرَهُ لَهُ الْأَذَانُ مَعَ الْجَنَابَةِ وَالْخُطْبَةُ وَكَذَلِكَ النَّوْمُ بِلَا وُضُوءٍ وَكَذَلِكَ فِعْلُ الْمَنَاسِكِ بِلَا طَهَارَةٍ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهَا وَالْمُحْدِثُ أَيْضًا تُسْتَحَبُّ لَهُ الطَّهَارَةُ لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا {قال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنِّي كَرِهْت أَنْ أَذْكُرَ