للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلَى الْمَشَاهِدِ وَاحْتَجُّوا {بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْتِي قُبَاء كُلَّ سَبْتٍ رَاكِبًا وَمَاشِيًا} أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّ قُبَاء لَيْسَتْ مَشْهَدًا؛ بَلْ مَسْجِدٌ وَهِيَ مَنْهِيٌّ عَنْ السَّفَرِ إلَيْهَا بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِسَفَرِ مَشْرُوعٍ؛ بَلْ لَوْ سَافَرَ إلَى قُبَاء مِنْ دويرة أَهْلِهِ لَمْ يَجُزْ وَلَكِنْ لَوْ سَافَرَ إلَى الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ ثُمَّ ذَهَبَ مِنْهُ إلَى قُبَاء فَهَذَا يُسْتَحَبُّ كَمَا يُسْتَحَبُّ زِيَارَةُ قُبُورِ أَهْلِ الْبَقِيعِ وَشُهَدَاءِ أُحُدٍ. وَأَمَّا أَكْلُ الْخُبْزِ وَالْعَدْسِ الْمَصْنُوعِ عِنْدَ " قَبْرِ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ " فَهَذَا لَمْ يَسْتَحِبَّهُ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ؛ لَا الْمُتَقَدِّمِينَ وَلَا الْمُتَأَخِّرِينَ وَلَا كَانَ هَذَا مَصْنُوعًا لَا فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ وَلَا التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَلَا بَعْدَ ذَلِكَ إلَى خَمْسمِائَةِ سَنَةٍ مِنْ الْبَعْثَةِ حَتَّى أَخَذَ النَّصَارَى تِلْكَ الْبِلَادَ وَلَمْ تَكُنْ الْقُبَّةُ الَّتِي عَلَى قَبْرِهِ مَفْتُوحَةً؛ بَلْ كَانَتْ مَسْدُودَةً وَلَا كَانَ السَّلَفُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ يُسَافِرُونَ إلَى قَبْرِهِ وَلَا قَبْرِ غَيْرِهِ؛ لَكِنْ لَمَّا أَخَذَ النَّصَارَى تِلْكَ الْبِلَادَ فَسَوَّوْا حُجْرَتَهُ وَاِتَّخَذُوهَا كَنِيسَةً فَلَمَّا أَخَذَ الْمُسْلِمُونَ الْبِلَادَ بَعْدَ ذَلِكَ اتَّخَذَ ذَلِكَ مَنْ اتَّخَذَهُ مَسْجِدًا وَذَلِكَ بِدْعَةٌ مَنْهِيٌّ عَنْهَا لِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ} يُحَذِّرُ مَا فَعَلُوا. وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِخَمْسِ: {إنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا