للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُقَدَّسَةِ فَكَتَبَ إلَيْهِ سَلْمَانُ: إنَّ الْأَرْضَ لَا تُقَدِّسُ أَحَدًا وَإِنَّمَا يُقَدِّسُ الرَّجُلَ عَمَلُهُ. وَهُوَ كَمَا قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ؛ فَإِنَّ مَكَّةَ - حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى - أَشْرَفُ الْبِقَاعِ وَقَدْ كَانَتْ فِي غُرْبَةِ الْإِسْلَامِ دَارَ كُفْرٍ وَحَرْبٍ يَحْرُمُ الْمُقَامُ بِهَا وَحَرَّمَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ أَنْ يَرْجِعَ إلَيْهَا الْمُهَاجِرُونَ فَيُقِيمُوا بِهَا وَقَدْ كَانَتْ الشَّامُ فِي زَمَنِ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَبْلَ خُرُوجِهِ بِبَنِي إسْرَائِيلَ دَارَ الصَّابِئَةِ الْمُشْرِكِينَ الْجَبَابِرَةِ الْفَاسِقِينَ وَفِيهَا قَالَ تَعَالَى لِبَنِي إسْرَائِيلَ: {سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ} . فَإِنَّ كَوْنَ الْأَرْضِ " دَارَ كُفْرٍ " أَوْ " دَارَ إسْلَامٍ أَوْ إيمَانٍ " أَوْ " دَارَ سِلْمٍ " أَوْ " حَرْبٍ " أَوْ " دَارَ طَاعَةٍ " أَوْ مَعْصِيَةٍ " أَوْ " دَارَ الْمُؤْمِنِينَ " أَوْ " الْفَاسِقِينَ " أَوْصَافٌ عَارِضَةٌ؛ لَا لَازِمَةٌ. فَقَدْ تَنْتَقِلُ مِنْ وَصْفٍ إلَى وَصْفٍ كَمَا يَنْتَقِلُ الرَّجُلُ بِنَفْسِهِ مِنْ الْكُفْرِ إلَى الْإِيمَانِ وَالْعِلْمِ وَكَذَلِكَ بِالْعَكْسِ. وَأَمَّا الْفَضِيلَةُ الدَّائِمَةُ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَمَكَانٍ فَفِي الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} الْآيَةُ. وَقَالَ تَعَالَى: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ} الْآيَةُ. وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إبْرَاهِيمَ