للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هَذَا التَّوَجُّهَ وَالتَّوَسُّلَ هُوَ تَوَجُّهٌ وَتَوَسُّلٌ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ. وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: أَسْأَلُك أَوْ أُقْسِمُ عَلَيْك بِحَقِّ مَلَائِكَتِك أَوْ بِحَقِّ أَنْبِيَائِك أَوْ بِنَبِيِّك فُلَانٍ أَوْ بِرَسُولِك فُلَانٍ أَوْ بِالْبَيْتِ الْحَرَامِ أَوْ بِزَمْزَمَ وَالْمَقَامِ أَوْ بِالطُّورِ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الدُّعَاءِ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَصْحَابِهِ وَلَا التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ بَلْ قَدْ نَصَّ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ - كَأَبِي يُوسُفَ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ - عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مِثْلُ هَذَا الدُّعَاءِ فَإِنَّهُ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ بِمَخْلُوقِ وَلَا يَصِحُّ الْقَسَمُ بِغَيْرِ اللَّهِ وَإِنْ سَأَلَهُ بِهِ عَلَى أَنَّهُ سَبَبٌ وَوَسِيلَةٌ إلَى قَضَاءِ حَاجَتِهِ. أَمَّا إذَا سَأَلَ اللَّهَ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَبِدُعَاءِ نَبِيِّهِ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِهِ فَالْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ سَبَبٌ لِلْإِثَابَةِ وَالدُّعَاءُ سَبَبٌ لِلْإِجَابَةِ فَسُؤَالُهُ بِذَلِكَ سُؤَالٌ بِمَا هُوَ سَبَبٌ لِنَيْلِ الْمَطْلُوبِ وَهَذَا مَعْنَى مَا يُرْوَى فِي دُعَاءِ الْخُرُوجِ إلَى الصَّلَاةِ: " {اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْك وَبِحَقِّ مَمْشَايَ هَذَا} وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْغَارِ الَّذِينَ دَعَوْا اللَّهَ بِأَعْمَالِهِمْ الصَّالِحَةِ. فَالتَّوَسُّلُ إلَى اللَّهِ بِالنَّبِيِّينَ هُوَ التَّوَسُّلُ بِالْإِيمَانِ بِهِمْ وَبِطَاعَتِهِمْ كَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِمْ وَمَحَبَّتِهِمْ وَمُوَالَاتِهِمْ أَوْ بِدُعَائِهِمْ وَشَفَاعَتِهِمْ. وَأَمَّا نَفْسُ ذَوَاتِهِمْ فَلَيْسَ فِيهَا مَا يَقْتَضِي حُصُولَ مَطْلُوبِ الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ الْجَاهُ الْعَظِيمُ وَالْمَنْزِلَةُ الْعَالِيَةُ بِسَبَبِ إكْرَامِ اللَّهِ لَهُمْ وَإِحْسَانِهِ إلَيْهِمْ وَفَضْلِهِ عَلَيْهِمْ وَلَيْسَ