للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْفَاسِقِينَ لَمَّا كَانَ يَسْكُنُهَا إذْ ذَاكَ الْفَاسِقُونَ ثُمَّ لَمَّا سَكَنَهَا الصَّالِحُونَ صَارَتْ دَارَ الصَّالِحِينَ. وَهَذَا أَصْلٌ يَجِبُ أَنْ يُعْرَفَ. فَإِنَّ الْبَلَدَ قَدْ تُحْمَدُ أَوْ تُذَمُّ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ لِحَالِ أَهْلِهِ ثُمَّ يَتَغَيَّرُ حَالُ أَهْلِهِ فَيَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ فِيهِمْ؛ إذْ الْمَدْحُ وَالذَّمُّ وَالثَّوَابُ وَالْعِقَابُ إنَّمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ أَوْ عَلَى ضِدِّ ذَلِكَ مِنْ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيِّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَبْيَضَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا لِأَسْوَدَ عَلَى أَبْيَضَ إلَّا بِالتَّقْوَى. النَّاسُ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ} . وَكَتَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إلَى سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ - وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ آخَى بَيْنَهُمَا لَمَّا آخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ بِالشَّامِ وَسَلْمَانُ بِالْعِرَاقِ نَائِبًا لِعُمَرِ بْنِ الْخَطَّابِ - أَنْ هَلُمَّ إلَى الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ. فَكَتَبَ إلَيْهِ سَلْمَانُ: إنَّ الْأَرْضَ لَا تُقَدِّسُ أَحَدًا وَإِنَّمَا يُقَدِّسُ الرَّجُلَ عَمَلُهُ.