للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَا لَا يُعْلَمُ ثُبُوتُهُ بِالْإِجْمَاعِ - إلَّا قَبْرَ نَبِيِّنَا وَالْخَلِيلِ وَمُوسَى - فَإِنَّ هَذَا مِنْ كَرَامَةِ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ صَانَ قُبُورَ الْأَنْبِيَاءِ عَنْ أَنْ تَكُونَ مَسَاجِدَ صِيَانَةً لَمْ يَحْصُلْ مِثْلُهَا فِي الْأُمَمِ الْمُتَقَدِّمَةِ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا وَأُمَّتَهُ أَظْهَرُوا التَّوْحِيدَ إظْهَارًا لَمْ يُظْهِرْهُ غَيْرُهُمْ. فَقَهَرُوا عُبَّادَ الْأَوْثَانِ وَعُبَّادَ الصُّلْبَانِ وَعُبَّادَ النِّيرَانِ. وَكَمَا أَخْفَى اللَّهُ بِهِمْ الشِّرْكَ فَأَظْهَرَ اللَّهُ بِمُحَمَّدِ وَأُمَّتِهِ مِنْ الْإِيمَانِ بِالْأَنْبِيَاءِ وَتَعْظِيمِهِمْ وَتَعْظِيمِ مَا جَاءُوا بِهِ وَإِعْلَانِ ذِكْرِهِمْ بِأَحْسَنِ الْوُجُوهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِثْلُهُ فِي أُمَّةٍ مِنْ الْأُمَمِ وَفِي الْقُرْآنِ يَأْمُرُ بِذِكْرِهِمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إبْرَاهِيمَ إنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا} {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا} الْآيَاتُ. وَقَوْلُهُ: {اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ إنَّهُ أَوَّابٌ} وَذَكَرَ بَعْدَهُ سُلَيْمَانَ إلَى قَوْلِهِ: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إذْ نَادَى رَبَّهُ} إلَى قَوْلِهِ: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ} إلَى قَوْلِهِ {وَاذْكُرْ إسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ} . فَأَمَرَ بِذِكْرِ هَؤُلَاءِ. وَأَمَّا مُوسَى وَقَبْلَهُ نُوحٌ وَهُودٌ وَصَالِحٌ فَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ فِي قَوْله تَعَالَى {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ} {وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ} {إنْ كُلٌّ إلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ} . وَقَدْ أَمَرَ بِذِكْرِ مُوسَى وَغَيْرِهِ أَيْضًا فِي سُورَةٍ