للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنَّ الْعُزَّى كَانَتْ بِبَطْنِ نَخْلَةَ مِنْ نَاحِيَةِ عَرَفَاتٍ. وَمَعْلُومٌ بِالنُّقُولِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْعُزَّى. كَمَا عُلِمَ بِالتَّوَاتُرِ أَنَّ أَهْلَ الطَّائِفِ كَانَ لَهُمْ اللَّاتَ وَمَنَاةُ كَانَتْ حَذْوَ قَدِيدٍ كَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يُهِلُّونَ لَهَا كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى مِنْ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ كَانَتْ أَصْنَامًا فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ مِنْ حِجَارَةٍ فَهُوَ بَاطِلٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَذَا الشَّأْنِ وَإِنَّمَا كَانَ فِي الْكَعْبَة " هُبَلُ " الَّذِي ارْتَجَزَ لَهُ {أَبُو سُفْيَانُ يَوْمَ أُحُدٍ وَقَالَ: اُعْلُ هُبَلَ اُعْلُ هُبَلَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا تُجِيبُوهُ؟ قَالُوا: وَمَا نَقُولُ؟ قَالَ قُولُوا: اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ} . كَمَا تَقَدَّمَ ذَكَرَهُ. هَذَا وَكَانَ إساف وَنَائِلَةُ عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَكَانَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ صَنَمًا. وَهَذِهِ الْأَسْمَاءُ الثَّلَاثَةُ مُؤَنَّثَةٌ: اللَّاتُ وَالْعُزَّى وَمَنَاةُ. وَبِكُلِّ حَالٍ فَقَدْ قَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْت: فِينَا بَيْتٌ يَحُجُّهُ الْعَرَبُ وَأَبُو سُفْيَانَ يُوَافِقُهُ عَلَى ذَلِكَ. فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْبِقَاعَ الَّتِي يُسَافَرُ إلَيْهَا فَالسَّفَرُ إلَيْهَا حَجٌّ وَالْحَجُّ نُسُكٌ وَهُوَ حَجٌّ إلَى غَيْرِ بَيْتِ اللَّهِ وَنُسُكٌ لِغَيْرِ اللَّهِ كَمَا أَنَّ الدُّعَاءَ لَهَا صَلَاةٌ لِغَيْرِ اللَّهِ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {قُلْ إنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} {قُلْ إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} فَاَللَّهُ تَعَالَى أَمَرَ نَبِيَّهُ