للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَكْثَرَ وَكُلُّ خَيْرٍ يَكُونُ فِي غَيْرِهِمْ فَهُوَ فِيهِمْ أَعْلَى وَأَعْظَمُ وَهَكَذَا أَهْلُ الْحَدِيثِ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِمْ. وَبَيَانُ ذَلِكَ: أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ فُضُولِ الْكَلَامِ الَّذِي لَا يُفِيدُ مَعَ اعْتِقَادِ أَنَّهُ طَرِيقٌ إلَى التَّصَوُّرِ وَالتَّصْدِيقِ - هُوَ فِي أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْمَنْطِقِ أَضْعَافُ أَضْعَافِ أَضْعَافِ مَا هُوَ فِي أَهْلِ الْحَدِيثِ؛ فَبِإِزَاءِ احْتِجَاجِ أُولَئِكَ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ احْتِجَاجُ هَؤُلَاءِ بِالْحُدُودِ وَالْأَقْيِسَةِ الْكَثِيرَةِ الْعَقِيمَةِ؛ الَّتِي لَا تُفِيدُ مَعْرِفَةً؛ بَلْ تُفِيدُ جَهْلًا وَضَلَالًا وَبِإِزَاءِ تَكَلُّمِ أُولَئِكَ بِأَحَادِيثَ لَا يَفْهَمُونَ مَعْنَاهَا تَكَلُّفُ هَؤُلَاءِ مِنْ الْقَوْلِ بِغَيْرِ عِلْمٍ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَكْثَرُ وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ الْإِمَامِ أَحْمَد: " ضَعِيفُ الْحَدِيثِ خَيْرٌ مِنْ رَأْيِ فُلَانٍ ". ثُمَّ لِأَهْلِ الْحَدِيثِ مِنْ الْمَزِيَّةِ: أَنَّ مَا يَقُولُونَهُ مِنْ الْكَلَامِ الَّذِي لَا يَفْهَمُهُ بَعْضُهُمْ هُوَ كَلَامٌ فِي نَفْسِهِ حَقٌّ وَقَدْ آمَنُوا بِذَلِكَ وَأَمَّا الْمُتَكَلِّمَةُ: فَيَتَكَلَّفُونَ مِنْ الْقَوْلِ مَا لَا يَفْهَمُونَهُ وَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ حَقٌّ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ لَا يَسْتَدِلُّونَ بِحَدِيثِ ضَعِيفٍ فِي نَقْضِ أَصْلٍ عَظِيمٍ مِنْ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ بَلْ إمَّا فِي تَأْيِيدِهِ؛ وَإِمَّا فِي فَرْعٍ مِنْ الْفُرُوعِ وَأُولَئِكَ يَحْتَجُّونَ بِالْحُدُودِ وَالْمَقَايِيسِ الْفَاسِدَةِ فِي نَقْضِ الْأُصُولِ الْحَقَّةِ الثَّابِتَةِ.

إذَا عُرِفَ هَذَا فَقَدَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ الْمُخَالِفِينَ لِلرُّسُلِ: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} وَقَالَ تَعَالَى: