للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَخْمَصَةٍ. فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ لِلنَّاسِ بِقِيمَةِ الْمِثْلِ وَلِهَذَا قَالَ الْفُقَهَاءُ: مَنْ اُضْطُرَّ إلَى طَعَامِ الْغَيْرِ أَخَذَهُ مِنْهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ بِقِيمَةِ مِثْلِهِ وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ بَيْعِهِ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ سِعْرِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ إلَّا سِعْرَهُ. وَمِنْ هُنَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ السِّعْرَ مِنْهُ مَا هُوَ ظُلْمٌ لَا يَجُوزُ وَمِنْهُ مَا هُوَ عَدْلٌ جَائِزٌ فَإِذَا تَضَمَّنَ ظُلْمَ النَّاسِ وَإِكْرَاهَهُمْ بِغَيْرِ حَقٍّ عَلَى الْبَيْعِ بِثَمَنِ لَا يَرْضَوْنَهُ؛ أَوْ مَنَعَهُمْ مِمَّا أَبَاحَهُ اللَّهُ لَهُمْ: فَهُوَ حَرَامٌ. وَإِذَا تَضَمَّنَ الْعَدْلَ بَيْنَ النَّاسِ مِثْلَ إكْرَاهِهِمْ عَلَى مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ الْمُعَاوَضَةِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ؛ وَمَنَعَهُمْ مِمَّا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَخْذِ زِيَادَةٍ عَلَى عِوَضِ الْمِثْلِ: فَهُوَ جَائِزٌ؛ بَلْ وَاجِبٌ. فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَمِثْلُ مَا رَوَى أَنَسٌ {قَالَ: غَلَا السِّعْرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ سَعَّرْت؟ فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ هُوَ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ الْمُسَعِّرُ وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللَّهَ وَلَا يَطْلُبُنِي أَحَدٌ بِمَظْلِمَةٍ ظَلَمْتهَا إيَّاهُ فِي دَمٍ وَلَا مَالٍ} "؛ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِي وَصَحَّحَهُ. فَإِذَا كَانَ النَّاسُ يَبِيعُونَ سِلَعَهُمْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَعْرُوفِ مِنْ غَيْرِ ظُلْمٍ مِنْهُمْ وَقَدْ ارْتَفَعَ السِّعْرُ إمَّا لِقِلَّةِ الشَّيْءِ وَإِمَّا لِكَثْرَةِ الْخَلْقِ: فَهَذَا إلَى اللَّهِ. فَإِلْزَامُ الْخَلْقِ أَنْ يَبِيعُوا بِقِيمَةِ بِعَيْنِهَا إكْرَاهٌ بِغَيْرِ حَقٍّ. وَأَمَّا الثَّانِي فَمِثْلُ أَنْ يَمْتَنِعَ أَرْبَابُ السِّلَعِ مِنْ بَيْعِهَا مَعَ ضَرُورَةِ النَّاسِ