للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} {قُمْ فَأَنْذِرْ} {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} {وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} فَافْتَتَحَ آيَاتِ الْإِرْسَالِ إلَى الْخَلْقِ بِالْأَمْرِ بِالنِّذَارَةِ وَخَتَمَهَا بِالْأَمْرِ بِالصَّبْرِ وَنَفْسُ الْإِنْذَارِ أَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ. فَعُلِمَ أَنَّهُ يَجِبُ بَعْدَ ذَلِكَ الصَّبْرُ وَقَالَ: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} وَقَالَ تَعَالَى: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا} {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إلَّا بِاللَّهِ} {وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} . فَلَا بُدَّ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ: الْعِلْمُ؛ وَالرِّفْقُ؛ وَالصَّبْرُ؛ الْعِلْمُ قَبْلَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيُ؛ وَالرِّفْقُ مَعَهُ وَالصَّبْرُ بَعْدَهُ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ مُسْتَصْحِبًا فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ؛ وَهَذَا كَمَا جَاءَ فِي الْأَثَرِ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ وَرَوَوْهُ مَرْفُوعًا؛ ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى فِي الْمُعْتَمَدِ: " لَا يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ إلَّا مَنْ كَانَ فَقِيهًا فِيمَا يَأْمُرُ بِهِ؛ فَقِيهًا فِيمَا يَنْهَى عَنْهُ؛ رَفِيقًا فِيمَا يَأْمُرُ بِهِ؛ رَفِيقًا فِيمَا يَنْهَى عَنْهُ؛ حَلِيمًا فِيمَا يَأْمُرُ بِهِ حَلِيمًا فِيمَا يَنْهَى عَنْهُ ". وَلْيَعْلَمْ أَنَّ الْأَمْرَ بِهَذِهِ الْخِصَالِ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ مِمَّا يُوجِبُ صُعُوبَةً عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النُّفُوسِ؛ فَيَظُنُّ أَنَّهُ بِذَلِكَ يَسْقُطُ عَنْهُ فَيَدَعُهُ؛ وَذَلِكَ مِمَّا يَضُرُّهُ أَكْثَرَ مِمَّا يَضُرُّهُ الْأَمْرُ بِدُونِ هَذِهِ الْخِصَالِ أَوْ