للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَالْعَصْرِ} {إنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} {إلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} . وَمَنْ صَبَرَ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ عَلَى قَوْلِهِ فَذَاكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَقِّ إذْ لَا بُدَّ فِي كُلِّ بِدْعَةٍ - عَلَيْهَا طَائِفَةٌ كَبِيرَةٌ - مِنْ الْحَقِّ الَّذِي جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُوَافِقُ عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ: مَا يُوجِبُ قَبُولَهَا إذْ الْبَاطِلُ الْمَحْضُ لَا يُقْبَلُ بِحَالِ.

وَبِالْجُمْلَةِ: فَالثَّبَاتُ وَالِاسْتِقْرَارُ فِي أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ أَضْعَافُ أَضْعَافِ أَضْعَافِ مَا هُوَ عِنْدَ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْفَلْسَفَةِ؛ بَلْ الْمُتَفَلْسِفُ أَعْظَمُ اضْطِرَابًا وَحَيْرَةً فِي أَمْرِهِ مِنْ الْمُتَكَلِّمِ.

لِأَنَّ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ مِنْ الْحَقِّ الَّذِي تَلَقَّاهُ عَنْ الْأَنْبِيَاءِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْمُتَفَلْسِفِ وَلِهَذَا تَجِدُ مِثْلَ " أَبِي الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيِّ " وَأَمْثَالِهِ أَثْبَتَ مِنْ مِثْلِ " ابْنِ سِينَا " وَأَمْثَالِهِ. وَأَيْضًا تَجِدُ أَهْلَ الْفَلْسَفَةِ وَالْكَلَامِ أَعْظَمَ النَّاسِ افْتِرَاقًا وَاخْتِلَافًا مَعَ دَعْوَى كُلٍّ مِنْهُمْ أَنَّ الَّذِي يَقُولُهُ حَقٌّ مَقْطُوعٌ بِهِ قَامَ عَلَيْهِ الْبُرْهَانُ. وَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ أَعْظَمُ النَّاسِ اتِّفَاقًا وَائْتِلَافًا وَكُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ الطَّوَائِفِ إلَيْهِمْ أَقْرَبَ كَانَ إلَى الِاتِّفَاقِ والائتلاف أَقْرَبَ فَالْمُعْتَزِلَةُ أَكْثَرُ اتِّفَاقًا وَائْتِلَافًا مِنْ الْمُتَفَلْسِفَةِ إذْ لِلْفَلَاسِفَةِ فِي الْإِلَهِيَّاتِ وَالْمَعَادِ وَالنُّبُوَّاتِ بَلْ وَفِي الطَّبِيعِيَّاتِ وَالرِّيَاضَياتِ وَصِفَاتِ الْأَفْلَاكِ: مِنْ الْأَقْوَالِ مَا لَا يُحْصِيهِ إلَّا ذُو الْجَلَالِ.