للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ قُتَيْبَةَ - فِي أَوَّلِ كِتَابِ مُخْتَلِفِ الْحَدِيثِ - لَمَّا ذَكَرَ أَهْلَ الْحَدِيثِ وَأَئِمَّتَهُمْ وَأَهْلَ الْكَلَامِ وَأَئِمَّتَهُمْ: كَفَى بِذِكْرِ أَئِمَّةِ هَؤُلَاءِ وَوَصْفِ أَقْوَالِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ؛ وَوَصْفِ أَئِمَّةِ هَؤُلَاءِ وَأَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ بِمَا يُبَيِّنُ لِكُلِّ أَحَدٍ: أَنَّ أَهْلَ الْحَدِيثِ هُمْ أَهْلُ الْحَقِّ وَالْهُدَى وَأَنَّ غَيْرَهُمْ أَوْلَى بِالضَّلَالِ وَالْجَهْلِ وَالْحَشْوِ وَالْبَاطِلِ. وَأَيْضًا الْمُخَالِفُونَ لِأَهْلِ الْحَدِيثِ هُمْ مَظِنَّةُ فَسَادِ الْأَعْمَالِ: إمَّا عَنْ سَوْءِ عَقِيدَةٍ وَنِفَاقٍ وَإِمَّا عَنْ مَرَضٍ فِي الْقَلْبِ وَضَعْفِ إيمَانٍ. فَفِيهِمْ مِنْ تَرْكِ الْوَاجِبَاتِ وَاعْتِدَاءِ الْحُدُودِ وَالِاسْتِخْفَافِ بِالْحُقُوقِ وَقَسْوَةِ الْقَلْبِ مَا هُوَ ظَاهِرٌ لِكُلِّ أَحَدٍ وَعَامَّةُ شُيُوخِهِمْ يُرْمَوْنَ بِالْعَظَائِمِ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ مَعْرُوفٌ بِزُهْدِ وَعِبَادَةٍ فَفِي زُهْدِ بَعْضِ الْعَامَّةِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَعِبَادَتِهِ مَا هُوَ أَرْجَحُ مِمَّا هُوَ فِيهِ. وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْعِلْمَ أَصْلُ الْعَمَلِ وَصِحَّةُ الْأُصُولِ تُوجِبُ صِحَّةَ الْفُرُوعِ وَالرَّجُلُ لَا يَصْدُرُ عَنْهُ فَسَادُ الْعَمَلِ إلَّا لِشَيْئَيْنِ: إمَّا الْحَاجَةُ؛ وَإِمَّا الْجَهْلُ فَأَمَّا الْعَالِمُ بِقُبْحِ الشَّيْءِ الْغَنِيُّ عَنْهُ فَلَا يَفْعَلُهُ اللَّهُمَّ إلَّا مَنْ غَلَبَ هَوَاهُ عَقْلَهُ وَاسْتَوْلَتْ عَلَيْهِ الْمَعَاصِي فَذَاكَ لَوْنٌ آخَرُ وَضَرْبٌ ثَانٍ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَا يُعْرَفُ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ أَحَدٌ إلَّا وَلَهُ فِي الْإِسْلَامِ مَقَالَةٌ يُكَفِّرُ قَائِلُهَا عُمُومَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى أَصْحَابَهُ وَفِي التَّعْمِيمِ مَا يُغْنِي عَنْ التَّعْيِينِ فَأَيُّ فَرِيقٍ