للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنِّي - وَاَللَّهِ - لَا أُعْطِي أَحَدًا وَلَا أَمْنَعُ أَحَدًا؛ وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ أَضَعُ حَيْثُ أُمِرْت} . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَحْوُهُ. فَهَذَا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمَنْعُ وَالْعَطَاءُ بِإِرَادَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ كَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الْمَالِكُ الَّذِي أُبِيحَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ وَكَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الْمُلُوكُ الَّذِينَ يُعْطُونَ مَنْ أَحَبُّوا وَيَمْنَعُونَ مَنْ أَبْغَضُوا وَإِنَّمَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ يَقْسِمُ الْمَالَ بِأَمْرِهِ فَيَضَعُهُ حَيْثُ أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى. وَهَكَذَا قَالَ رَجُلٌ لِعُمَرِ بْنِ الْخَطَّابِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ - لَوْ وَسَّعْت عَلَى نَفْسِك فِي النَّفَقَةِ مِنْ مَالِ اللَّهِ تَعَالَى. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَتَدْرِي مَا مَثَلِي وَمَثَلُ هَؤُلَاءِ؟ كَمَثَلِ قَوْمٍ كَانُوا فِي سَفَرٍ فَجَمَعُوا مِنْهُمْ مَالًا وَسَلَّمُوهُ إلَى وَاحِدٍ يُنْفِقُهُ عَلَيْهِمْ فَهَلْ يَحِلُّ لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَنْ يَسْتَأْثِرَ عَنْهُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ؟ . وَحُمِلَ مَرَّةً إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَالٌ عَظِيمٌ مِنْ الْخُمُسِ؛ فَقَالَ: إنَّ قَوْمًا أَدَّوْا الْأَمَانَةَ فِي هَذَا لِأُمَنَاءَ. فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ: إنَّك أَدَّيْت الْأَمَانَةَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَأَدَّوْا إلَيْك الْأَمَانَةَ وَلَوْ رَتَعْت لَرَتَعُوا. وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْرِفَ أَنَّ أُولِي الْأَمْرِ كَالسُّوقِ مَا نَفَقَ فِيهِ جُلِبَ إلَيْهِ؛ هَكَذَا قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. فَإِنْ نَفَقَ فِيهِ الصِّدْقُ وَالْبِرُّ وَالْعَدْلُ وَالْأَمَانَةُ جُلِبَ إلَيْهِ ذَلِكَ؛ وَإِنْ نَفَقَ فِيهِ الْكَذِبُ وَالْفُجُورُ