للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهُمْ فِي هَذِهِ السُّورَةِ. فَذَكَرُوا هُنَا وَفِي قَوْلِهِ: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ} وَفِي قَوْلِهِ: {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} . وَذَكَرَ اللَّهُ مَرَضَ الْقَلْبِ فِي مَوَاضِعَ. فَقَالَ تَعَالَى: {إذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ} . وَالْمَرَضُ فِي الْقَلْبِ كَالْمَرَضِ فِي الْجَسَدِ فَكَمَا أَنَّ هَذَا هُوَ إحَالَةٌ عَنْ الصِّحَّةِ وَالِاعْتِدَالِ مِنْ غَيْرِ مَوْتٍ فَكَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ فِي الْقَلْبِ مَرَضٌ يُحِيلُهُ عَنْ الصِّحَّةِ وَالِاعْتِدَالِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمُوتَ الْقَلْبُ سَوَاءٌ أَفْسَدَ إحْسَاسَ الْقَلْبِ وَإِدْرَاكَهُ أَوْ أَفَسَدَ عَمَلَهُ وَحَرَكَتَهُ. وَذَلِكَ - كَمَا فَسَّرُوهُ -: هُوَ مِنْ ضَعْفِ الْإِيمَانِ؛ إمَّا بِضَعْفِ عِلْمِ الْقَلْبِ وَاعْتِقَادِهِ وَإِمَّا بِضَعْفِ عَمَلِهِ وَحَرَكَتِهِ. فَيَدْخُلُ فِيهِ مَنْ ضَعُفَ تَصْدِيقُهُ وَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْجُبْنُ وَالْفَزَعُ؛ فَإِنَّ أَدْوَاءَ الْقَلْبِ مِنْ الشَّهْوَةِ الْمُحَرَّمَةِ وَالْحَسَدِ وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ كُلُّهَا أَمْرَاضٌ. وَكَذَلِكَ الْجَهْلُ وَالشُّكُوكُ وَالشُّبُهَاتُ الَّتِي فِيهِ. وَعَلَى هَذَا فَقَوْلٌ: {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} هُوَ إرَادَةُ الْفُجُورِ وَشَهْوَةُ الزِّنَا كَمَا فَسَّرُوهُ بِهِ. وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ