للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَئِمَّتِهِمْ وَخَوَاصُّ الْمُتَكَلِّمِينَ يَعْلَمُونَ عِلْمَ أَئِمَّتِهِمْ وَخَوَاصُّ الْقَرَامِطَةِ وَالْبَاطِنِيَّةِ يَعْلَمُونَ عِلْمَ أَئِمَّتِهِمْ وَكَذَلِكَ أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ مِثْلُ أَئِمَّةِ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّ خَاصَّةَ كُلِّ إمَامٍ أَعْلَمُ بِبَاطِنِ أُمُورِهِ مِثْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ: فَإِنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ لَمَّا كَانَ أَخَصَّ النَّاسِ بِهِ وَأَعْلَمَهُمْ بِبَطْنِ أَمْرِهِ اعْتَمَدَ أَتْبَاعُهُ عَلَى رِوَايَتِهِ حَتَّى إنَّهُ تُؤْخَذُ عَنْهُ مَسَائِلُ السِّرِّ الَّتِي رَوَاهَا ابْنُ أَبِي الْغَمْرِ وَإِنْ طَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِيهَا وَكَذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ: فَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ أَعْلَمُ النَّاسِ بِهِ وَكَذَلِكَ غَيْرُهُمَا. وَقَدْ يَكْتُبُ الْعَالِمُ كِتَابًا أَوْ يَقُولُ قَوْلًا فَيَكُونُ بَعْضُ مَنْ لَمْ يُشَافِهْهُ بِهِ أَعْلَمَ بِمَقْصُودِهِ مِنْ بَعْضِ مَنْ شَافَهَهُ بِهِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ} لَكِنْ بِكُلِّ حَالٍ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُبَلِّغُ مِنْ الْخَاصَّةِ الْعَالِمِينَ بِحَالِ الْمُبَلِّغِ عَنْهُ كَمَا يَكُونُ فِي أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ مَنْ هُوَ أَفْهَمُ لِنُصُوصِهِمْ مِنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِمْ.

وَمِنْ الْمُسْتَقَرِّ فِي أَذْهَانِ الْمُسْلِمِينَ: أَنَّ وَرَثَةَ الرُّسُلِ وَخُلَفَاءَ الْأَنْبِيَاءِ هُمْ الَّذِينَ قَامُوا بِالدِّينِ عِلْمًا وَعَمَلًا وَدَعْوَةً إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ فَهَؤُلَاءِ أَتْبَاعُ الرَّسُولِ حَقًّا وَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الطَّائِفَةِ الطَّيِّبَةِ مِنْ الْأَرْضِ الَّتِي زَكَتْ فَقَبِلَتْ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتْ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ فَزَكَتْ فِي نَفْسِهَا وزكى النَّاسُ بِهَا. وَهَؤُلَاءِ هُمْ الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الْبَصِيرَةِ فِي الدِّينِ وَالْقُوَّةِ عَلَى الدَّعْوَةِ وَلِذَلِكَ كَانُوا وَرَثَةَ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ}